حنّا سعادة - سرطان  المريء
يرتبط السرطان المريئي الشبيه بسرطان الغدة والسائد في أوروبا وشمالي أميركا  بالبدانة والارتداد الحمضي وهو أكثر شيوعًا بثلاث أو أربع مرات لدى الرجال. إن الحالة المرضية الأولية المدعوة «مريء باريت» لا تسبّب ظهور أي أعراض. تسبق هذه الحالة السرطان ويمكن رصدها من خلال فحص التنظير. عند الكشف عنها، وبناءً على حدّتها، يمكن معالجتها بالأدوية أو بالتدخل بالتنظير لمنع تطورها إلى سرطان شبيه بسرطان الغدة.
إلا أنّ 80% إلى 90% من مرضى السرطان المريئي الشبيه بسرطان الغدة يتم تشخصيهم إثر الأعراض التي يظهرونها فحسب ومن دون أي علم بحالة مريء باريت السابقة للسرطان. في الولايات المتحدة وحدها، سجّلت 17,000 حالة من السرطان المريئي الشبيه بسرطان الغدة ، أدّت إلى وفاة 15,000 مريض. 
فيما يتعلّق بعوامل الخطر، إن الأشخاص الذين يعانون من أعراض حرقة في المعدة بصورة يومية أو أسبوعية هم أكثر عرضةً للإصابة بالسرطان المريئي الشبيه بسرطان الغدة بخمس إلى سبع مرات من أولئك الذي يظهرون أعراضًا بصورة أقل.  لكن لسوء الحظ، 40% من الحلات المشخصة بالسرطان لا تعاني من أي حرقة في المعدة. يتضاعف خطر الإصابة بالسرطان المريئي لدى المدخنين ويعزى ارتفاع معدلات الإصابة بهذا النوع من السرطان المريئي في الغرب تحديدًا إلى ارتفاع معدلات البدانة والارتداد الحمضي المرافق. 
تساعد الإصابة المزمنة بجرثومة المعدة H. pylori على التخفيف من السرطان المريئي الشبيه بسرطان الغدة بنسبة 40%، إذ يفترض أنها تسبّب ضموراً في الغدد المعوية يساعد بدوره على تخفيض إنتاج الحموضة. من الواجب معالجة هذه الجرثومة لأنّها تسبّب سرطانًا في المعدة والقرحة الاثني عشرية، لكن لحسن الحظ، يبدو أن هذه المعالجة لا تؤثر في رفع معدلات الإصابة بسرطان المريء. 
إن التخفيف من معدلات الحموضة في المعدة عن طريق الأدوية الفعّالة كمثبطات ضخ البروتون مثيلات Nexium، يسهم في تخفيض معدلات الإصابة بحالة مريء باريت وبالسرطان المريئي الشبيه بسرطان الغدة.
يرتبط السرطان المريئي الشبيه  بسرطان الجلد السائد في آسيا وأفريقيا وجنوب أميركا وبين الأميركيين الأفارقة بالكحول والتدخين ويشكّل 90% من مجمل سرطانات المريء حول العالم كما أنّه يصيب الرجال والنساء مناصفةً. هو أكثر شيوعًا بثلاث إلى خمس مرات لدى المفرطين في التدخين ومعاقري الخمرة وتتطوّر حالات الإصابة به تدريجيًا مع تطور شدّة التدخين والكحول. يرتفع خطر الإصابة بهذا النوع من السرطان المريئي بعشر مرات لدى المصابين بمرض تعذّر الارتخاء المريئي.
تدعى الحالة المرضية الأولية التي تمهد للسرطان squamous dysplasia ويمكن رصدها عبر عملية التنظير، ويزداد خطر الإصابة بالسرطان تدريجيًا كلّما ازدادت حدّة هذه الحالة عند الفحص المجهري. 
الوقاية، الكشف والعلاج: يساعد الأسبيرين وغيره من الأدوية المضادة للالتهاب على تخفيض معدلات الإصابة بالسرطان المريئي الشبيه بسرطان الغدة وذلك الشبيه بسرطان الجلد بنحو 4% إلى 50% تقريبًا ويوصى بها للوقاية من السرطان لدى المجموعات التي ترتفع فيها احتمالات الإصابة.
خلافًا لتنظير القولون الذي يوصى به للأشخاص فوق سن الـ 50، لا يوصى بالتنظير الداخلي كوسيلة للكشف المبكر عن السرطانات المريئية لأن نسب الإصابة تكون منخفضة. إن الاحتمال الأقصى للإصابة بالسرطان المريئي بعد بلوغ ال 50 يقارب 0.04% في العام ما يعني أنّه ينبغي إخضاع 2500  شخص  للتنظير لايجاد حالة واحدة من السرطان. ولكن، حين تشاء الصدفة أن يكشف التنظير الداخلي مبكراً عن السرطان المريئي، تكون نتائج العلاج وفرص البقاء على قيد الحياة أفضل بكثير ممّا تكون عليه حين يتمّ التشخيص بعد بدء الأعراض. 
تشمل أعراض سرطان المريء العسر التدريجي في البلع إذ يبدو وكأن الطعام عالق في الصدر بدلاً من نزوله إلى المعدة. في بادىء الأمر، تكون الصعوبة في بلع الأطعمة الصلبة فحسب، ولكن بعد فترة قصيرة، يصبح بلع السوائل أو الأطعمة اللزجة أيضًا عملية شاقة لدى المرضى، الأمر الذي قد يؤدي إلى خسارة غير مقصودة في الوزن إذ يبدأ المرضى بالامتناع عن تناول الطعام لتفادي الألم. تجدر الإشارة إلى أنه ينيغي أيضًا النظر بعين الشك إلى الحرقة في المعدة التي لا تتجاوب مع العلاجات. 
يوجد نحو 75% من السرطانات المريئية الشبيهة بسرطان الغدة في الجزء البعيد من المريء في حين توجد السرطانات المريئية الشبيهة بسرطان الجلد في الجزء الأوسط أو العلوي منه. يمكن اعتماد العلاجات بالتنظير إذا كان السرطان في مراحله الأولية، أما السرطانات في مراحلها المتقدمة فتستلزم تدخلًا جراحيًا وعلاجًا كيميائيًا. يبلغ معدّل البقاء لخمس سنوات على قيد الحياة في الولايات المتحدة الأميركية 17%، لكن في حال اكتشاف السرطانات بعد تفشيهها وانتقالها ينخفض هذا المعدل إلى 4%. 

اترك تعليقا