الجماعات الإرهابية التي تدّعي الإسلام (1)-جماعة التكفير والهجرة

شهد التاريخ الإسلامي على مدى القرون الأربعة عشرة المنصرمة ظهور مئات الجماعات الإرهابية المسلّحة التي إتخذت الدين الإسلامي غطاءً لها، وإعتبرت أن الدفاع عن الإسلام والدين والقرآن ونشر الإسلام هي مهمتها من دون أن يكلفها أحد بها ،فأساءت إلى الإسلام وألحقت به الأذى وشوّهت صورته لدى الأتباع أكثر منه لدى الأخصام أو المحايدين ، بدءاً من هذا العدد سوف نخصّص مقالة للحديث عن أبرز هذه الجماعات .

النشأة 
شهدت مصر في 23 تموز (يوليو) 1952 إنقلاباً عسكرياً  أطاح بالملك فاروق وتولى عدد من الضباط أطلقوا على أنفسهم الضباط الأحرار مقاليد السلطة إذ تولّى اللواء محمد نجيب سدة الرئاسة، وكانت جماعة الإخوان المسلمين مشاركة أو متعاطفة مع الإنقلابيين (ولا يزال دور وموقف الجماعة من الإنقلاب موضوع بحث ونقاش غير محسوم في نتائجه).

لكن الأمور بين الإخوان المسلمين والضباط الأحرار سرعان ما تبدلت في السنوات اللاحقة، فأصدر مجلس قيادة الثورة قراراً في 14 كانون الثاني 1954 بحلّ جماعة الإخوان المسلمين، وتمّ إتهام الإخوان، وهي نفت ذلك، بتدبير محاولة إغتيال أحد أبرز ضباط الأحرار جمال عبد الناصر في 26 تشرين الأول 1954، وتبيّن أن الرئيس محمد نجيب كان على إتصال بالإخوان معتزماً تأييدهم إذ ما نجحوا في قلب النظام. وفي 14 تشرين الثاني 1954 قرّر مجلس قيادة الثورة إعفاء محمد نجيب من جميع مهامه وإبقاء موقع الرئاسة شاغراً، فكان ذلك سبباً إضافياً لتحركات الإخوان الإحتجاجية الرافضة لخطوات مجلس الثورة وجمال عبد الناصر.

فكانت مرحلة صراع فتحت فيها السجون على مصراعيها أمام الإسلاميين الذين عانوا شتّى أنواع التعذيب والقتل.

وفي هذه الأجواء، ولدت الأفكار الإسلامية المتطرّفة. في أقبية السجون ولد فكر جماعة التكفير والهجرة التي أعلنت كفر رئيس الدولة المصرية جمال عبد الناصر وإعتبروا من يؤيده ويدعمه حتى لو إدّعى الإسلام وكان يصلي ويصوم ويحج فهو كافر ومرتد، وبالتالي فإن المجتمع بأكمله مرتد وكافر يجب قتاله. فتكفير المسلم هو الأمر الخطير في فكر هذه الجماعة، وكانت بذور هذا التكفير قد ظهرت في عهد الخوارج (فرقة إسلامية نشأت في العام 657 م نتيجة الخلافات السياسية التي ظهرت في عهد الخليفة علي بن أبي طالب وإقدامهم على قتله، وأطلقت عليهم هذه التسمية لخروجهم على الأئمة والعلماء).

ويعتبر التكفير العنصر الأساسي في أفكار ومعتقدات الجماعة فهم يكفرون :
-    كل من ارتكب ذنباً واستمر به ولا يقبل التوبة وطلب المغفرة.

-    الحكام من رؤساء دول وملوك ووزراء الذين لا يحكمون بما أنزله القرآن من مبادئ وأحكام هي دستور المسلمين وهم يعمدون إلى الدساتير التي وضعها بشر متخليين عن الدساتير التي أنزلها الله إلى الرسول محمد (ص).

-    يكفرون العلماء ورجال الدين الذين أصبحوا أداة بيد الحكام يبررون لهم خروجهم عن مبادئ القرآن، فأصبحوا علماء السلاطين وغير مؤتمنين على أمور الدين والقرآن.

-    تكفير المواطنين لأنهم رضخوا للحكام ولم يثوروا لتغيير الواقع الكافر والمخالف بخصوص القرآن.

أمّا المدماك الثاني الأساسي في فكر هؤلاء فهو هجرة أفراد المجتمع، فالمؤمن لا يمكنه العيش في مجتمع كافر بل عليه أن يعتزل ويهجر المجتمع بالحياة وبالعيش وكذلك بالفكر أيضاً، فيختار مكاناً بعيداً عن المجتمع، غالباً ما يكون في الجبال.

المدماك الثالث، هو طاعة أئمتهم طاعة عمياء في كل شيء سواء في الحياة أو في فهم معاني الإسلام، فيعتبرون أن أقوال مشايخهم (حتى لو كانوا مبتدئين ) هي الأساس وليست أقوال كبار العلماء ورجال الدين، فهم إعتبروا أن أميرهم وشيخهم شكري مصطفى هو المنقذ والمخلص للأمة الإسلامية، وسيحقق الله على يده ويد جماعته ما لم يتحقق على يد الرسول محمد (ص) من ظهور الإسلام على جميع الأديان والشعوب والأمم، وإعتبروا أنه لا يحق عليهم الجهاد في هذه المرحلة بل عليهم تقوية أنفسهم وعدم إضعافها في الجهاد الآن، ودعوا أنصارهم إلى ترك الصلاة في المساجد وصلاة الجماعة لأن المساجد كلها أماكن كفر ودعوة للطاغوت ما عدا أربعة مساجد: المسجد الحرام في مكة، المسجد النبوي ومسجد قباء (أول مسجد في الإسلام) في المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس.
 

 
شاهد الجدول كاملا
 
 

 

 


أعمالهم: 
إعتمدت هذه الجماعة على العنف والقتال كوسيلة لتحقيق أهدافها فشنّت العديد من الهجمات على مواقع ومراكز للشرطة المصرية، إذ اعتبرت أن هؤلاء وإن كانوا مسلمين فهم حماة للطغاة ويجب قتلهم للوصول إلى الحكام وإستلام السلطة لإقامة حكم الإسلام. 

ومن أبرز أعمالهم:
-    قيام مجموعة منهم بإختطاف وقتل الشيخ محمد حسين الذهبي وزير الأوقاف المصرية الأسبق بعدما رفضت السلطات المصرية تلبية مطالبهم، لا سيما الإفراج عن عناصر من الجماعة من السجون المصرية. 

-    كان للجماعة دور أساسي في الحرب التي إندلعت في الجزائر بين السلطة والإسلاميين المتطرفين في الأعوام 1992 - 2005. 

-    قام أحد أفرادها المدعو محمد بويري بإغتيال المخرج الهولندي فيو فان كوخ بقطع عنقه في 2 تشرين الثاني 2004 إنتقاماً، كما إدّعى، للفيلم الذي أخرجه كوخ بعنوان "الخضوع" الذي ربط بين سوء معاملة المرأة في الإسلام إستناداً إلى نصوص القرآن الكريم، وصوّر نساء عاريات على أجسامهن آيات قرآنية.  
 

 

 

اترك تعليقا