عشر سنوات ولبنان من دون موازنة-زيادة النفقات وتراجع الإيرادات وارتفاع الدين العام بمقدار 31 مليار دولار
القاعدة الاثني عشرية
تعتمد القاعدة الاثني عشرية كأساس لصرف النفقات وجباية الواردات عن الأشهر الأولى من السنة عندما يتأخر إقرار الموازنة العامة، فيتم خلال هذه الفترة القصيرة أخذ أرقام موازنة العام الذي سبق وما دخل عليها من إضافات وتعديلات وقسمتها على 12 جزء يصرف جزء منها في كل شهر. وهذه القاعدة القانونية تتيح للحكومة الإنفاق بانتظار إقرار الموازنة من دون حدوث أزمات كانقطاع في الرواتب والأجور. لكن المشكلة حصلت عندما تم اعتماد هذه القاعدة لفترة طويلة. تجاوزت الأشهر لتصبح عشر سنوات وربما أكثر.
“آخر موازنة أقرت في لبنان كانت موازنة العام 2005 وقد أقرت في بداية العام 2006 أي بعد انتهاء العام 2005. ومنذ ذلك الحين ولبنان من دون موازنة.“
لم تقر الموازنة العامة للعام 2006 وقد صدر القانون رقم 717 تاريخ 3 شباط 2006 الذي أجاز للحكومة جباية الواردات كما في السابق وصرف النفقات اعتباراً من أول شباط 2006 ولغاية صدور موازنة العام 2006 على أساس القاعدة الاثني عشرية. ولكن هذه القاعدة التي يمكن ان تعتمد لفترة أشهر قليلة ظلت معتمدة منذ ذلك الحين لعدم نجاح مجلس النواب في إقرار قانون الموازنة العامة للأعوام 2006- 2015. وهذا ما أدى إلى خلل كبير في المالية العامة.
موازنة العام 2005
أقرت موازنة العام 2005 وحملت الرقم 715 تاريخ 3 شباط 2006 وقدرت النفقات العامة بـ 10 آلاف مليار ليرة وبينما قدرت الواردات بـ 6,917 مليار ليرة أي بعجز مقداره 3,083 مليار ليرة ونسبته 30.8%، لم يصدر قطع حساب موازنة العام 2005 (يظهر قطع حساب النفقات الفعلية المصروفة والإيرادات الفعلية المحققة) لكن الأرقام المحققة تظهر ان النفقات قد وصلت إلى 10,203 مليار ليرة بينما بلغت الواردات 7,405 مليار ليرة أي بعجز فعلي مقداره 2,798 مليار ليرة ونسبته 27.4% وقد توزعت النفقات المقدرة على الأبواب التالية كما هو مبين في الجدول رقم 1.
الإنفاق الإضافي في عهد السنيورة والحريري
من الصعب اعتماد أرقام نفقات موازنة العام 2005 ذاتها كأرقام للإنفاق في العام 2006 أو في الأعوام التالية. ولكن الحكومات المتعاقبة لم تعمد إلى قوننة هذا الإنفاق الإضافي ما أدى إلى الحديث عن مليارات الدولارات الضائعة والتي بلغت قيمتها 11 مليار دولار موزعة على السنوات التي تلت العام 2005 وهو إنفاق إضافي غير مقونن.
الإنفاق الإضافي في عهد الميقاتي وسلام
لم تقع كل من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وحكومة الرئيس تمام سلام في هذا المحظور القانوني نتيجة عدم إقرار الموازنة العامة، فأقرت قانونين اثنين لتغطية الإنفاق الإضافي.
القانون الأول: وهو القانون رقم 238 تاريخ 22-10-2012 بفتح اعتماد اضافي بقيمة 9,248 ليرة (8,315 مليار ليرة للموازنة العامة و933 مليار ليرة للموازنات الملحقة) تضاف الى ارقام موازنة العام 2005 اي ما يشكل نسبة زيادة بمقدار 83.2% على موازنة العام 2005 وذلك لتغطية انفاق العام 2012 وهذا الاعتماد الاضافي قد لا تتم تغطيته من الواردات العادية كما نص القانون (نظراً لعدم زيادة الضرائب والرسوم ولتراجع الاعمال) والحل يكون بالإجازة للحكومة اصدار سندات خزينة بالعملات المحلية و الاجنبية لآجال طويلة أو متوسطة او قصيرة لتغطية هذا العجز ما يعني ارتفاعاً في الدين العام.
أما القانون الثاني: فهو القانون النافذ حكماً الرقم 15 تاريخ 11-11-2014 الذي اقر فتح اعتماد اضافي بقيمة 340 مليار ليرة لتغطية احتياجات الوزارات خلال العام 2014 يضاف الى ارقام الموازنة العامة للعام 2005 والى الاعتماد الاضافي المفتوح بالقانون رقم 238 ويتم تغطية هذا الاعتماد كما في القانون السابق اي المزيد من الاستدانة.
“خلال الأعوام العشر الأخيرة اذ ارتفع الدين العام من 58,050 مليار ليرة (نحو 38.6 مليار دولار) في نهاية العام 2005 إلى نحو 105 آلاف مليار ليرة (نحو 70 مليار دولار) في نهاية العام 2014 أي بارتفاع مقداره 46,950 مليار ليرة (نحو 31.3 مليار دولار)“
ارتفاع الدين العام
هذا العجز في الموازنة (التي لم تقر) الناتج عن ارتفاع النفقات من دون زيادة الإيرادات أدى إلى ارتفاع كبير في الدين العام خلال الأعوام العشر الأخيرة اذ ارتفع الدين العام من 58,050 مليار ليرة (نحو 38.6 مليار دولار) في نهاية العام 2005 إلى نحو 105 الاف مليار ليرة (نحو 70 مليار دولار) في نهاية العام 2014 أي بارتفاع مقداره 46,950 مليار ليرة نحو 31.3 مليار دولار) وفقاً لما هو مبين في الجدول رقم 2. حيث نتبين ان الدين العام الذي شهد ارتفاعاً كبيراً خلال العامين 2008- 2009 عاد وسجل تراجعاً في العامين 2010-2011 ليعاود ارتفاعه في العام 2012 وايضاً في العام 2013 حيث تجاوز 5.8 مليار دولار وايضاً في العام 2014 حيث تجاوز 6 مليار دولار. وهذا الارتفاع الكبير والخطير في حجم الدين العام سيصبح أكثر خطورة في العام 2018 إذ قد يصل إلى أكثر من 100 مليار دولار.
اترك تعليقا