مسألة تغيير - أحمد لادقي

يطلق على هذا المخلوق تسمية إنسان، وهو جنسٌ ظهر إلى الوجود على سطح هذه الأرض ولا يزال حاضراً وموجوداً يغيّر ويبدّل ويحوّل في تركيبتها وبنيتها الطبيعية. بدأ كلّ هذا إثر انفجارٍ عظيمٍ هزّ الكون ويعرف  بانفجار البيغ بانغ. فهل كانت مجرّد صدفة أنّه القدر؟

شكّلت رؤية البشر على سطح الأرض سابقةً وقفزةً في مجالي الطبيعة والمنطق. فقبل عصر الديناصورات، كانت الأرض عبارة عن صخرة جامدة وصامتة، لكن لم تلبث أن ظهرت بوادر الحياة وانتشر السكان وتكاثروا وبدأت الأرض تكتظّ شيئاً فشيئاَ وتعجّ بالمواد الحيّة إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم حيث الإنسان هو الحاكم الآمر والمخلوق الأعلى رتبة. فهل هذا المخلوق كفؤٌ لتولّي القيادة؟ في البدء، كان الانسان مخلوقاً همجياً، ولا لوم عليه في ذلك فقد كان غافلاً يُذهل لكلّ جديدٍ يكتشفه فيترك في ذهنه فضولاً لاكتشاف المزيد. ومع مرور الوقت، تطوّر البشر ومعهم الأرض التي وجدوا عليها. لكن لماذا قدّر لكوكب الأرض دون سواه أن يكون مأهولاً؟ لأنه وبكلّ بساطة يحوي العناصر والموارد الطبيعية التي تمهّد لظهور الحياة. 

خُلق الانسان كطفلٍ بريء في غاية الجمال والروعة، لكن مع تقدّمه في العمر، بدأ يظهر ميلاً إلى العدوانية والعنف وطوّر نزعةً انتقامية تجاه الطبيعة والأرض التي احتضنته. لا ينبغي أن يؤتمن البشر على الحس بالمسؤولية فهم غالباً ما يجنحون إلى الشر ويظنون أنهم قادرون على التحكم بزمام الأمور من خلال تقنياتهم المتطورة وأحكامهم الصائبة.. لكن لا..

لقد مُنح البشر فرصة لجعل هذه الأرض واحةً آمنة يحلو العيش فيها بسلام وطمأنينة كما أنهم منحوا فرصة تحقيق أقصى استفادة من هذه الحياة، فانصرفوا إلى ابتكار الكثير من الأدوات والآلات متطورة، ولكن من يتحمّل مسؤولية الاحتباس الحراري ووفاة الضحايا الأبرياء.. في سبيل حياته، قام بالتدمير والإبادة. الاتحاد بين البشر يكون نتيجة شعور أخلاقي من الدماثة والاحسان، لكن البعض ينصرف إلى أنانيته. طبعاً، انفذ بريشك، أنقذ حياتك !! وحين لا نكون محور الأضواء، نعرف تماماً كيفية سرقتها لتسليطها علينا. نحن زمرةٌ من المهووسين الفارغين، نقتل من دون رحمة، وندمّر من دون حذر، ونطير من دون أجنحة، ونفكّر من دون أدمغة، ونتّخد قراراتٍ متهوّرة وطائشة ونجرح من دون شفقة.. ما أودّ قوله هو أنّنا معقّدون وبعيدون كلّ البعد عن التّقدم والرّقي والاتزان.. لكنّ المسألة أبعد من ذلك، إذ يبدو أن لا أحد يتمتع بالحرية وكلّ من يرفع صوته ليسلّط الضوء على معضلات هذا الكوكب يتعرّض للقتل.. لماذا؟ لأنه محقٌّ ومحاطٌ بمجموعة  من الخرقى الطائشين. لا يمكننا انتظار مخلوق فضائي ليأتي ويبشّرنا أنّه هنا لإنقاذ الأرض وأنّه من المعيب تدمير كوكب كهذا. هذا المخلوق لم يأتِ لينقذنا، بل لينقذ كوكب الأرض من همجيتنا وفظاعاتنا، ولكن هل من أملٍ بقلب الموازين؟ نعم، باستطاعتنا التغيير. فلنقم بإزالة دهاليز الظلمة والشر ودوامات الموت ولنبادر إلى خلق طرقٍ تحقّق السكون والتناغم وتمهّد للسلام بين البشر وتحوّل عقولهم عن الحقد والشر. ولكن هل من مستجيب لهذا الدعاء؟ من سيكون المتحدّث باسم الجنس البشري؟ حين نجد تلك البوصلة الأخلاقية اللازمة لتغيير مسارنا الحالي، سيتبدّل كلّ شيء. العملية لم تبدأ بعد، لكنّ المسألة هي مجرّد مسألة وقت. 

أحمد لادقي
الصَّفّ الحادي عشر - المدرسة الأهليَّة

اترك تعليقا