الصين 2013 : تشي جينغ بينغ - رحلةٌ طويلةٌ نحو القمة
 
شاهد الجدول كاملا
 
 















يبدي العديد من الصينيين حذراً من التغيرات التي قد تنتج عن عملية انتقال السلطة في الصين، لكنّ بعض القادة الحاليين يدركون تماماً أن التبدل الحاصل على الساحة الدولية يستوجب منهم تجديد طرق تعاطيهم مع التحديات التي تلوح في الأفق. أما التحدي الأكبر، فيكمن في استهداف بعض السياسات الأميركية والغربية مصالح الصين وسعيها لتشويه علاقتها مع المجتمع الدولي. 

يبدو أن رئيس الجمهورية المرتقب، تشي جينغ بينغ، مؤهلٌ لقيادة البلاد نحو تخطي التحديات المستقبلية على نحوٍ هادىء وذلك بعيداً عن العنف، الذي قد يولّد تداعياتٍ سلبيةً على الاقتصاد المحلي والاستقرار الإقليمي والدولي. تشي جينغ بينغ حائزٌ على شهادتي دكتوراه، الأولى في العلوم السياسية والثانية في الكيمياء، ويلقّبه رفقاؤه في الحزب الشيوعي «بحلاّل المشاكل». 

شهد المؤتمر الوطني رابع مرةٍ يتمّ فيها تبدّل في السلطة منذ تأسيس الجمهورية الشعبية عام 1949. تولّت أولى الأجيال الحكم في الصين من العام 1949 حتى وفاة ماوتسي تونغ عام 1976، ثمّ تلاها الجيل الثاني بقيادة دنغ تشياوبنغ الذي مارس الحكم إلى حين تنحيه عام 1992 لدى إصلاح اللجنة المركزية والمكتب السياسي. أما ثالث الزعماء فكان جيانغ زيمين الذي شغل منصب الرئيس بعد أحداث

ميدان تيانانمين عام 1989 وسعى فريقه إلى تطبيق خطة تركّز على النمو الاقتصادي والانسجام السياسي والتطور الثقافي.

عام 2003، توّلى الجيل الرابع المعروف بالجيل الجمهوري الحكم بزعامة هو جين تاو وكان قادة هذه الحقبة من التكنوقراطيين الذين وحّدوا جهودهم لتطوير قدرة الصين الانتاجية والتكنولوجية. أما الجيل الخامس بقيادة تشي جينغ بينغ، فيُتوقّع أن يهتمّ بالابتكار التكنولوجي، وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، وتطوير سياسة الصين الخارجية وتوسيع شبكة علاقاتها الدولية على المستويات كافة. 
 
 
شاهد الجدول كاملا
 
 

“منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، حرصت الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية على مراقبة السياسات الصينية الداخلية يشكلٍ دقيق، خصوصاً في ظل تنامي النفوذ والقدرة الصينية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والتكنولوجي والعسكري“

من المرجّح أن يعالج تشي جينغ بينغ مجموعة من الشؤون الأساسية نذكر منها:
-    أولاً، تحديث نظام الحزب الواحد الذي شكّل أساساً للحكم في الصين منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، مع التأكيد على الالتزام بالمبادىء الجوهرية لهذا النظام.

-    ثانياً، الاستجابة للمطالب المنادية بالمزيد من الإصلاحات الاقتصادية وبضرورة المحافظة على معدّلٍ عالٍ من النمو والتطور الاقتصاديين.

-    ثالثاً، زيادة إمكانية الولوج إلى الانترنت وبرامج الاتصالات المتطورة في كافة أنحاء الصين.

-    رابعاً، محاربة الفساد وتحميل المسؤولين مسؤولية أعمالهم عن طريق استبعاد القادة العاجزين عن التعاطي مع المعطيات والوقائع الجديدة التي تواجه الشعب الصيني وحكومته.

منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، حرصت الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية على مراقبة السياسات الصينية الداخلية يشكلٍ دقيق، خصوصاً في ظل تنامي النفوذ والقدرة الصينية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والتكنولوجي والعسكري، كما عمدت الصحافة الغربية، على وجه الخصوص البريطانية والأميركية، إلى تسليط الضوء على قضايا الفساد ضدّ بعض المسؤولين الصينيين.
في الواقع، قام الرئيس الحالي للصين، هو جين تاو، خلال المؤتمر الوطني في تشرين الثاني بدقّ ناقوس الخطر إزاء مسألة الفساد الذي بدأت تستشري داخل الحزب منذ بضع سنوات. قال هو جين تاو في افتتاحيته: “لا زالت بلادنا تنعم بفرصٍ استراتيجيةٍ هامة، تسنح لنا برفع معدلات النمو”، كما تلا تقريراً يفصّل إنجازات الحزب منذ المؤتمر الأخير، مشدداً على “ضرورة اعتماد مقاربة علمية لتحقيق التطور وعلى الحاجة إلى تطوير النظام الاقتصادي عبر تشجيع الإبداع.” أضاف هو جين تاو أن البلاد لا زالت تعاني من عدم توازن في التنمية في مختلف مناطقها، خصوصاً في المناطق الريفية، مؤكداً أن الحزب سيستمر في دعم الشفافية وتطبيق الإصلاح السياسي، قائلاً: “إن إخفاقنا في معالجة هذه المشكلة كما يلزم، سيوجّه ضربةً قاضيةً للحزب قد تؤدي إلى انهياره وانهيار الدولة”. 

* عمر نشابة: هو باحث وصحافي حضر المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني الذي أقيم في بكين في تشرين الثاني 2012، والتقى عدداً من المسؤولين الصينيين وقام بزيارة المؤسسات الصينية الحكومية بغية فهم المزيد حول هذا البلد وسياسته في العام 2013 وما بعد.

اترك تعليقا