هل يمكننا فعلًا القيام بمهام متعددة في نفس الوقت؟
الحقيقة:
تقليديًا، لطالما كان الاضطلاع بمهام متعددة في آنٍ معًا أمرًا مرتبطًا بربات المنزل كمشاهدتهن التلفاز بالتزامن مع التدخين وتكنيس الأرض أو كيّ الملابس أثناء مراقبة الفروض المدرسية. اليوم، ومع استخدامنا المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، بات الاضطلاع بمهام متعددة في نفس الوقت أمراً طبيعياً لدى الجميع فترانا نتكلّم على الهاتف ونردّ على رسائل البريد الالكتروني في آنٍ معاً، حتى أنّنا قد نطّلع سريعًا على بعض الأخبار خلال العملية نفسها. يمكننا تناول العشاء مع مجموعة من الأصدقاء والتواصل مع مجموعة أخرى في آنٍ معًا، لكنّ الواقع أنّ سهولة القيام بذلك تنحصر فقط في الأمور المتعلّقة بالتواصل والإعلام.
لكن حين ننظر إلى إنجاز المهام معًا في ميادين أخرى كالعمل أو الأكاديميا، يتبيّن أن محاولة القيام بأمور متعدّدة في نفس الوقت تعيق إنتاجيتنا ولا تحسنّها. فقد نظنّ أنّنا نكسب الوقت لدى قيامنا بنشاطين أو أكثر معًا، لكنّ الواقع يبيّن أننا ننجز هذه الأمور على نحوٍ أقل دقّة ما يؤدي إلى الانتقاص من فعاليتنا. أظهرت الدراسات أن القيام بالأمور في نفس الوقت يعني قيامنا بها دون المستوى المطلوب من التركيز، ما يؤثر على نوعية أدائنا ويمنعنا من إنجاز المهام كما ينبغي.
بالإضافة إلى ذلك، تفيد الأبحاث أنّه مع مرور الوقت، يصبح الأشخاص الذين ينجزون الكثير من المهام في آن معًا، أبطأ في تحويل تركيزهم من نشاط إلى آخر، كما أن الأمور الجانبية تشتّت انتباههم بسهولة إذ يعتادون على تقسيم انتباهم بين النشاطات المختلفة، فيصبح التركيز على أمر واحد في غاية الصعوبة وتتراجع قدرتهم على الانتقال من مهمة إلى أخرى بفعالية.
على الرغم من الصعوبات، لا زلنا نملك القدرة على المشي والتحدث أوالقيادة والتحدث في نفس الوقت من دون الحاجة إلى التفكير بهذه الأمور، هذا يعني أننا قادرون على تنفيذ بعض الأمور بطريقة متزامنة من دون أي عقبات حين لا تكون هذه الأمور وثيقة الترابط أو حين تتمّ من خلال أقسام مختلفة من الدماغ. وعليه، فإنه من الصعب مراجعة رسائل البريد الالكتروني والقراءة في آنٍ معًا نظرًا للطبيعة المتشابهة لهذين النشاطين. والجدير بالذكر أيضًا أن إحدى الدراسات الصادرة عن جامعة ستوكهولم أفادت بأن الرجال يتفوقون على النساء أحيانًا في تنفيذ أنشطة متعدّدة في الوقت عينه، وذلك بسبب فترة الحيض لدى النساء.
اترك تعليقا