موريس الجميل-مصمم لبنان مدافع عن أنطون سعادة ومؤسس حزب الكتائب
الولادة والنشأة
والده الياس الجميل ولد في المنصورة في مصر في 25 نيسان 1910 ودرس في مدارسها حتى سنة 1920 حين عاد أهله إلى لبنان حيث جذورهم في بكفيا، فدرس في مدرسة عينطورة في كسروان التابعة للآباء اللعازاريين .
الدراسة الجامعية
انتقل بعد ذلك في العام 1929 إلى فرنسا ودرس الحقوق في جامعة السوريون حيث نال إجازة في الحقوق عام 1932.
الحياة المهنية
بعد عودته من فرنسا مارس مهنة المحاماة إلى جانب انخراطه في العمل السياسي فقيل إنه انخرط بداية في الحزب السوري القومي الاجتماعي ولاحقاً أسس مع بيار الجميل (صهره زوج شقيقته جنفياف الجميل) حزب الكتائب اللبنانية وتولى إدارة جريدة العمل التي أصدرها الحزب. دخل الحياة النيابية نائباً عن دائرة قضاء المتن بعد فوزه في الانتخابات النيابية التي جرت في حزيران 1960، حيث كانت معركة شديدة نتيجة ترشح الرئيس الأسبق للجمهورية كميل شمعون في هذه الدائرة متحالفاً مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، وفي منافسة مع حليفه سابقاً حزب الكتائب .
وتشكلت لائحتان أساسيتان :
- اللائحة اللبنانية: وضمت موريس الجميل (19337 صوتاً) اللواء جميل لحود (18197 صوتاً وهو والد الرئيس السابق أميل لحود) ادوار أبو جودة (16092 صوتاً) ميشال المر (15064 صوتاً) فارتكس شامليان (17123 صوتاً).
لائحة التجمع الوطني: وضمت كميل شمعون (17252 صوتاً) سليم لحود (13634 صوتاً وهو والد النائب السابق نسيب لحود وابن عم جميل لحود) أسد الاشقر (16265 صوتاً وهو مرشح الحزب السوري القومي) ألبير مخيبر (15945 صوتاً) وديكران توسباط (15282 صوتاً).
وقد فاز 3 من اللائحة الأولى وهم: موريس الجميل، جميل لحود، وفارتكس شامليان، ومن اللائحة الثانية كميل شمعون وألبير مخيبر.
وقد سجل موريس الجميل موقفاً قوياً إذ تمكن من منافسة الرئيس شمعون.
وهذا الفوز كانت قد سبقته خسارتان الأولى في العام 1953 عندما ترشح في دائرة بيروت الثانية، والخسارة الثانية في العام 1957 عندما ترشح في انتخابات المتن. كما أعيد انتخابه في العام 1964 وفي انتخابات العام 1968 حيث كانت أيضاً معركة طاحنة بين لائحتين: لائحة النهج الشهابي ولائحة الحلف الثلاثي التي تزعمها موريس الجميل وفازت بكاملها وبفارق كبير وعن اللائحة المنافسة.
فوزه بالنيابة فتح له أبواب الوزارة فعين في الأول من آب 1960 وزير دولة مكلفاً بالشؤون المالية والإنمائية في الوزارة التي شكلها الرئيس صائب سلام واستمر حتى 20-5-1961 وعين وزيراً للتصميم في 25 تشرين الثاني 1969 واستمر حتى 13 تشرين الأول 1970.
انجازاته
انصرف إلى إعداد الخطط والدراسات والتصاميم في مختلف القطاعات لأنه كان مؤمناً انه من دون ذلك لا يمكن للدولة أن تنهض بمهامها، ومن ابرز انجازاته:
- التصميم الشامل للمياه في لبنان
- تصميم الإنتاج الزراعي والصناعي
- تنظيم المصارف
- تنظيم التجارة
- تنظيم السياحة والاصطياف
- تصميم المواصلات والنقل
- تصميم النفط
- تصميم نفق بيروت- البقاع
- وضع تصميم نهر الليطاني
- مشروع بنك الأدمغة
- تصميم النقد والاعتماد والتسليف
كما ساهم في العام 1963 بتأسيس مركز الدراسات الفلسطينية إلى جانب كل من شارل الحلو، سعيد حمادة، ادمون رباط، قسطنطين زريق، وكانت له العديد من المؤلفات والمقالات. وفي عمله السياسي كانت مواقفه متميزة في حزب الكتائب، حتى أنه في العام 1937 دافع عن انطوان سعادة مؤسس الحزب القومي.
وفاته
لم يسمح له القدر بتحقيق ما كان يصبو إليه من تخطيط وتطوير لبنان إذ توفي في عمر ألـ 60 سنة فبعد انتخاب الرئيس سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية تم تكليف الرئيس صائب سلام بتشكيل الحكومة الجديدة التي أطلق عليها حكومة الشباب وأثناء مناقشة البيان الوزاري يوم 17 تشرين الأول 1970 وبعد إلقاء كلمته أصيب الجميل بنوبة قلبية نقل على أثرها إلى المستشفى وما لبث أن توفي في 31 تشرين الأول، تزوج من جوزيت عوض ولهما 7 أولاد.
خليفته
تركت وفاة الجميل فراغاً كبيراً في المجلس النيابي نظراً لدوره الكبير. وقد جرت الانتخابات الفرعية في المتن وكانت معركة محسومة سلفاً لصالح الشيخ أمين الجميل (ابن شقيقة موريس الجميل) إذ نال 16977 صوتاً بينما نال منافسه فؤاد لحود 12832 صوتاً.
كلمات الجميل الأخيرة
نورد في ما يلي أبرز ما جاء في مناقشة موريس الجميل للبيان الوزاري للحكومة يوم 17 تشرين الاول 1970 قبل إصابته بالنوبة القلبية.
موريس الجميل:
"قبل أن أقول كلمتي في هذه الجلسة العظيمة أريد أن أوجه كلمة تقدير إلى معالي وزير الأنباء الوزير غسان تويني الذي أتاح للأمة كلها عبر موجات الإذاعة والتلفزيون أن تساهم في عملنا ولو بوقف المراقبة.
أما وقد نوهت بتقديري لهذا العمل الأول، بجعل الديمقراطية ديمقراطية في أجلى معانيها، فاني أتكلم الآن بوصفي وزير تصميم سابقاً، عما ظهر لي إبان تغيير الحكومة من معطيات وما يجب أن يكون الطريق المؤدي إلى إنشاء حكومة بالمعنى المعاصر. وهنا لا بد أن أبدأ كلمتي بتوجيه الشكر إلى رئيسين. أولاً إلى دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ صبري حمادة الذي أتاح لنا الظرف لأن نستشير لأول مرة في هذه القاعة ممثلي جميع النشاطات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وشكري إلى دولة الرئيس رشيد كرامي الذي أتاح لنا بوجوده وبمساهمته أن نبدأ لأول مرة ليس في تاريخ هذا البلد وحسب، بل في تاريخ العالم العربي كله باستشارة المواطنين عن السياسة التي يجب أن ترسم لصيانة أوضاع بلادهم فلك الشكر يا دولة الرئيس لأنها كانت أول انطلاقة في المفهوم الديمقراطي الصحيح.
وتبين لنا أن القاعدة التي وضعتها النخبة اللبنانية كانت تحتم مراعاة جوانب ثلاثة إذا شئنا أن لا تظل التمنيات حبرا على ورق.
أولاً، يجب أن يساهم في تحمل المسؤولية السياسية المهيمنون على حساسيات الجماهير. وان لا يصعب الحصول على قبول الجماهير لما يقرر تنفيذه. على أن يكون للشخصيات المسؤولة جماهيريا دور المنسق بين مجموعة الوزارات التي تعمل كل منها في ميدان معين.
الجانب الثاني: علينا بادئ الأمر أن نباشر بمعركة تصنيف أوضاع البلد والتعرف الى معطياته تحديد مشاكله وقضاياه تحديداً علمياً صحيحاً وشاملاً. وأن نبرز من خلال هذه المعرفة الموضوعية الواقعية، الأسس والمبادئ والمقاييس والحلول والعلاجات على اختلافها.
إذًا المرحلة الأولى هي مرحلة التمهيد والإعداد والتخطيط وتحديد المعطيات وتوضيح الأمور التوضيح الكامل. لان ما نتخبط به في هذا البلد هو الغموض وسوء التفاهم الحاصل بين مجموعات وفئات من الناس بسبب عدم الوضوح. إن عدو لبنان الأول في هذه الآونة في الذات هو الغموض، ولذلك تمنينا على دولة رئيس مجلس الوزراء، أن يشكل حكومة تحتوي على ثلاثة أنواع من المسؤولين.
النوع الاول: المسؤول عن الجماهير ويجب أن يكون منسقاً لا عاملاً.
والنوع الثاني: أن يكون المسؤول من أرباب العمل الناجحين في أعمالهم الذين يديرون مصالح بحجم محترم، لأن لدى أرباب العمل حساً خاصاً ومعرفة دقيقة في كيفية ادارة المجموعات، وكيفية تحديد مهام الخبراء، وكيفية انتقائهم، وكيفية استمعالهم والإستفادة من تقاريريهم ومن دراساتهم.
إن هذا النوع من العمل منوط بنوع معين من الرجال لا يفترض بأن يكونوا من حملة الشهادات العليا الضخمة والبرهان، ولن أذكر الاسماء ويمكنكم الاستنتاج.
يوجد رب عمل يشغل ألوفاً من العمال وعندما أجريت نوعاً من الدراسة الاستطلاعية على مؤسسته، وجدت أنه لا يحمل حتى شهادة السرتيفيكا، ويستخدم في مؤسسته أكثر من عشرين خبيراً عالمياً يتقاضى كل خبير يومياً، ثلاثين ليرة إسترلينية. بإمكان هؤلاء الخبراء أن يساهموا المساهمة الموضوعية الواقعية الحقيقية في جلاء الأمور وتوضيح الغموض. لأن “من يأكل العصي غير الذي يعدها”.
ومن مراجعتنا الدليل الاجتماعي في لبنان وجدنا أكثر من ثمانين مؤسسة من الحجم الضخم، وعلى رأسها رجالاً أثبتوا فعاليتهم ونجاحهم وخبرتهم.
نحن الآن أمام هذه الوزارة بشكلها الحالي. ما هو رأيي كوزير تصميم سابق؟
أولاً: أتمنى عليها ان لا تتورط بالقيام بأعمال سياسية في وزارات لم تجهز للقيام بأعمال سياسية. فإذا تورطت في عمل سياسي من نوع كان، غير تسيير الأمور التقليدية العادية، فانها تكون قد زجت نفسها في أمور تخرج عن المهمة التي أوكل أمرها لهذه الوزارة المليئة بالكفاءات كما قلت. وعسى ان يكون لها متسع من الوقت لكي تتمكن من ربح معركة القضاء على الغموض.
أنا أقول بالمبدأ، ففي المبدأ انتصر الشباب والطلاب في تشكيل هذه الوزارة، فلهم منا التقدير.
وهنا لا بد من القول إن دولة الرئيس صائب سلام كان له من الجرأة والبسالة لأن يقدم على مثل هذه الخطوة.
والآن لست بحاجة إلى ترداد كل ما ورد في البيان الوزاري، غير ان هناك بنداً لا يمكن أن أتجاهله ورد في الصفحة الثالثة: “كما ستعمد الحكومة الى ايداع مجلسكم كذلك، مشروع القانون الذي سبق لحكومات سالفة ان درسته والقاضي بانشاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي”...
أرجو من الزملاء الكرام الانتباه لما اقوله لانني لا أهزل. وعندما اتكلم أتكلم جاداً، وليس عندي مهازل، فاذا كنتم لا تريدون الاصغاء فاني سانسحب، إنني لا أقبل أبداً بغير الجدية، وجواباً على من يسأل، فاني سأعطي الثقة للحكومة، وسأبين لماذا اعطيتها الثقة.
أقول في المجلس الاقتصادي الاجتماعي، ان الخبرة في البلدان التي استعملته أظهرت أن الزمن سبق ولم يعد له مبررات. أنا وضعت مشروع تنظيم الشعب اللبناني من اجل المشاركة لان كل مواطن يجب ان يشارك في سياسة بلاده مشاركة فعلية، وليس كما قال لويد جورج في مجلس العموم البريطاني أن المواطن الانكليزي يوم ذاك كان يستعمل مواطنيته لفترة ثوان كل أربع سنوات، عندما يدلي بصوته في الانتخابات.
إن المجلس الاقتصادي الاجتماعي لا يفي بالمطلوب. وأتمنى أن يستبدل اسمه باسم التنظيم الشعبي من اجل المشاركة وان تنفذ فوراً ما قررته الحكومة السابقة ولم يكن لها الوقت الكافي لإنشاء أمانة السر العامة للشعب اللبناني التي كانت ستولج تحقيق هذه المشاركة. وكان قد عين احد الموظفين للقيام مؤقتاً لهذه المهمة.
ويسرني القول أيضاً إننا قبل أن نترك الوزارة لبضع ساعات، وقع معالي وزير الدالخية ووزير التصميم قرار إنشاء أول برلمان اقليمي، الذي سيؤمن فعلاً اللامركزية الملحوظة في البيان الوزاري نفسه، ولذلك أرجو أن لا يهمل هذه القرار، وأن يباشر فوراً بأول تجربة لأول برلمان إقليمي.
مجموعة من البلديات قد حلت، فشلت أعمالها كلياً. وهنا غضب الخطيب وقال: ما بكفي كلامي أبداً إذا كنتم لا تحترمون كلامي. أنا غير مستعد أبداً، قصة “كمنبو” ونائب بيسوى، ونايب في درجة ثانية، هذه لا أقبل بها. كلنا نواب، وكلنا يجب أن نعمل على احترام النيابة. وأرجو الا اضطر لإعادة هذا القول لئلا يكون لقولي عواقب. ومن أولى هذه العواقب انني أستقيل من المجلس واذهب أمام الناخبين وأقول لهم: هكذا يعاملون النواب، أنا غير مستعد لان يقلل من قيمتي وأنا اتكلم، كائناً من يكون.
دولة الرئيس، البلد في وضع غير دستوري، حيث أن البلديات التي حلت لم ينتخب بديل لها، لظروف طرأت وكلنا نعلمها. وأما الآن لم يعد من الجائز أن لا يعطى الناخبون الفرصة لأن يقولوا كلمتهم بالسلطة المسؤولة مباشرة عن راحتهم في قراهم. خصوصاً عندما نرى أن صلاحيات مجموعة من البلديات تسلمها القائمقام.
كل بلد مجبر على أن يضع تنظيماً مدنياً. هذا أمر لا مفر منه. يعني كل بلد يجب ان يكون عنده مشروع ايكوشار، أو أحسن أو أوحش. إنما لدي شي أقوله لمعالي الوزير اده، وهو من الأشخاص الذين لعبوا دوراً فعالاً في المجلس الأعلى للتنظيم المدني، ومطلع على بعض النواحي من آراء هذا المجلس الأعلى، كما وأنه كان من المساهمين الفاعلين في مجلس التصميم في وزارة التصميم.
أنا لا أقول بعدم وجود تنظيم مدني، ولكن عندما تقرر الدولة تنظيماً مدنياً عليها أن تتحمل نتائجه، لا أن تضع هذه النتائج على عاتق المكلف المسكين. عندما أراد غليوم إمبراطور ألمانيا ان يشق طريقاً إلى قصره في بوتسدام، كان شخصاً يملك طاحوناً، قال للجيش لن يمر غليوم من هنا. قالوا له: سيمر غصباً عنك، قال: يوجد قضاة في برلين.
أرجو أن لا تتخذ التدابير التي من شأنها أن تصفي حقوق الناس المحرومين لتتخلص من تبعة الأضرار الملحقة بهم. بإمكانكم أن تستملكوا كل الأراضي اللبنانية، وتعملوا منها ما تشاؤون، وقد طلبت من رئيس مجلس المشاريع الكبرى في بيروت، الأستاذ شعيا أن يضع دراسة للتنظيم المدني، فوضع هذه الدراسة وتبين منها أن استملاك كافة الأراضي في الجمهورية اللبنانية يكلف 14 ملياراً. فإذا أردتم ان تعملوا من أراضي لبنان جنة العالم فاعملوها على نفقة الدولة لا على نفقة الناس. وإلا فأنكم تكونون قد ارتكبتم خطأً دستورياً، لان المادة الأولى من الدستور تنص على حماية الملكية. فلا يحق لكم أن تعتدوا على الملكية، لا لاستملاك الكلي، ولا للاستملاك الجزئي”.
اترك تعليقا