جبران خليل جبران : شواهد الناس والأمكنة - هنري زغيب
في إطار سعيه الدؤوب لاكتشاف جبران الإنسان وفي محاولةٍ لإرضاء ما يختزنه من فضولٍ شخصيٍ حول شخصية جبران وملامحه ومزاجه وعلاقاته وفكره ومعتقداته، جمع الأديب والشاعر هنري زغيب في كتابه «شواهد الناس والأمكنة» رحلة بدأها منذ 1985 نحو جبران محاولاً نسج خيوط في شخصيته من خلال مقابلاتٍ حيّة مع أناسٍ عرفوه وعاصروه وجولاتٍ على الأمكنة التي عاش فيها. «كان يلازمني شعور صامت كلّما مشيت في تلك الشوارع، فأتخيل على أرصفتها وقع قدمين لعبقري من لبنان كان يمشيها قبل سبعة عقود وأوصلته إقامته هنا إلى العالمية فالخلود»...
يزخر الكتاب، الصادر بطبعته الثانية في حزيران 2012 عن منشورات درغام، بصور الأمكنة والأشخاص وبالمفاصل الرئيسية في حياة جبران الأدبية والفكرية والاجتماعية. يسرد لنا زغيب بأسلوب مشوّقٍ لا يخلو من النفحة الشعرية المرهفة مجموعة لقاءاته مع شخصيات مقربّة من جبران من مفكّرين وشعراء وفنانين واضعاً بمتناولنا زبدة هذه اللقاءات ليطيم اللثام عن ذكريات وروايات وجوانب جديدة حول حياة جبران.
فمن أندرو غريب، الذي ترجم كتب لجبران إلى الإنكليزية إلى المونسينيور منصور اسطفان معاصر جبران الذي وصفه برجل شديد التهذيب وكذلك شديد الاحتقار، إلى بطرس يوسف، قريبه الذي كان يشكو إليه حنينه إلى لبنان قبل شهر واحد من وفاته إلى إليزابيت ديفيس، قريبة ماري هاسكل، صاحبة الفضل الأكبر في عنايتها بجبران إنكليزياً، مادياً، معنوياً وعاطفياً، أنصت هنري زغيب وأصغى واستمع بإمعانٍ إلى قصص الأصدقاء والمقربين وشهاداتهم واستذكارهم لتفاعل جبران معهم.
من شواهد الناس، انتقل زغيب إلى شواهد الأمكنة فحاول تقصّي المعلومات عن الأمكنة والزوايا والفضاء الذي شغله جبران والتحري عن البيئة الطبيعية والمدينية التي حضنته فسار على خطاه في المدن التي عاش فيها بحثاً عن خيوط وحقائق جديدة فلاحق جبران في نيويورك وواشنطن وفيلاديلفيا وميريلند ليعود إلى بشري، ثمّ إلى «مرجّحين» ملعب صيفياته.
في الفصل الثالث والأخير إضاءة حول جبران العاشق وعلاقته مع النساء التي لطالما أثارت جدلًا كبيرًا. كتاب هنري زغيب ليس مجرّد مطاردة شاعرية ورحلة إلى زمان مدعومة بشهادات وصور ووثائق ورسائل وإنّما هي مرجع توثيقي إضافي يقدّم صورة جديدة عن مبدعٍ من لبنان بلغ أقاصي الأرض بحداثته الفكرية وظلّ يفاخر بحبّه وانتمائه لبلده.
اترك تعليقا