الحواس الخمس بين الوهم والحقيقة
الواقع أنّ هذه الحواس هي فعلًا نافذتنا إلى العالم، لكنّ الافتراض بأنّها الحواس الوحيدة التي تساعدنا على فهم ما حولنا يقوّض بشكل كبير ما لأجسامنا من قدرةٍ على إدراك محيطها. فواقع أنّ هذه الحواس تستثني حافزًا في غاية الأهمية كالحركة، هو خير دليل على أنّ معلوماتنا حول الحواس هي معلومات منقوصة.
أحد أبرز الحواس التي تمّ استبعادها هو الإدراك اللاشعوري للحركة والتوجّه الناشىء عن محفّزات ذاتية داخل الجسم نفسه، المعروف أيضًا بالحاسّة الحركية. من خلال هذه الحاسّة، يتلقّى الدماغ معلومات عن وضعية مختلف أعضاء الجسم. على سبيل المثال، هذه الحاسة هي منفذ الدماغ لإدراك وضعية أو حركة ذراع الإنسان أو ساقه. بالإضافة إلى الحاسّة الحركية، هناك حاسّة الألم التي لا تقلّ أهمية عن سابقاتها، فمن دونها، يصبح الجسم عرضةً للأذيّة. تعمل هذه الحاسّة عبر مستقبلات الألم التي ترصد وتستشعر الضرر الذي يتهدّد الأعصاب أو الأنسجة وترسل تحذيرًا للدماغ. وبالتالي، يعجز الانسان عن إبعاد جسمه عن الحرارة أو الأجسام المؤذية لولا هذه الحاسّة. وفي سياقٍ متّصل، من شأن الإحساس الحراري أيضًا أن ينذرنا حين يستشعر جسمنا الحرارة أو البرد. أخيراً، هناك الإحساس بالإتزان الذي يستشعر حركة الجسم وسرعته بشكلٍ يساعده على حفظ توازنه، وهي مهمّة تتولى إنجازها الأذن الداخلية.
إن الحواس التي عادةً ما يُغفل ذكرها لا تقلّ أهمية عن تلك التي يتصوّر الناس مغالطةً أنّها الحواس النهائية، فغياب إحدى هذه الحواس قد يترتّب عنه عواقب وخيمة. والواقع أنّ الباحثين لم يعترفوا بهذه الحواس الإضافية إلّا مؤخّراً، ولعلّ هذا هو السبب في عدم شيوعها. بأي حالٍ، وبمعزل عن الإشكالية التي تحيط بتعريف الحواس، تبقى هي منافذنا الأولى للإدراك والوعي وفهم البيئة المحيطة بنا.
اترك تعليقا