الحاجة إلى 8 أكواب من المياه يوميًا بين الوهم والحقيقة

الحقيقة:

لطالما شدّد الأطباء على أهمية تمييه الجسم وكان اقتراح معظمهم يفيد بأن 8 إلى 9 أكواب من المياه يوميًا معدّل يفي بالغرض، وقد نصحت الأنظمة الغذائية كلّها بالقدر نفسه، فالمياه لا تساعد أجسامنا على خسارة الوزن فحسب، بل تزيد من نضارة البشرة وتمنع حصول التهابات في المسالك البولية. لكنّ هذه الفوائد تفتقر لأي دليلٍ علميٍّ يؤكدها شأنها شأن المقولة لتي تدّعي أن كمية المياه اللازمة لأجسامنا يوميًا هي 8 أكواب.

من غير الممكن قطّ الاستهانة بحاجة أجسامنا إلى المياه، لكنّ الكميّة التي يتطلّبها الجسم هي رهنٌ بعددٍ من العوامل، في مقدّمها النشاط البدني والمحيط البيئي. خلال ممارسة الرياضة، تتفاقم حاجة الجسم إلى المياه نتيجة التعرّق والأمر سيّان حين يكون الطقس حاراً أو جافًا. إنّ معدّل المياه الموجود في الغذاء الذي نتناوله قادرٌ أيضًا على إحداث فرق فالأطعمة الغنية بالصوديوم تسبّب عادةً الجفاف في حين أنّ الأطعمة الأخرى كالفواكه والخضار تساعد على تمييه الجسم وتقليص حاجتنا إلى المياه، في حينٍ أنّ الأمراض والحمل يزيدان من هذه الحاجة.

في محاولةٍ لفضح التصوّر الخاطىء حول الحاجة إلى 8 أكواب مياه يوميًا، أفادت طبيبة اسكتلندية تدعى مارغريت ماكرتني بأنّ المجهود الذي يتمّ بذله لتشجيع الناس على شرب المزيد من المياه، كمبادرة «التمييه من أجل الصحّة» التي تسوّق المنافع الصحية للمياه، ترعاه شركة «دانون» الفرنسية للصناعات الغذائية والتي هي أيضًا المسؤولة عن انتاج قناني مياه «فولفيك» و»إيفيان»، قائلةً بإن هذه الضجّة المتزايدة حول أهمية شرب المياه قد تكون مفتعلة من شركات تصنيع المياه بغية تحقيق المزيد من الأرباح. بصرف النظر عن مدى صحّة هذا الاّدعاء، لا بدّ من الإشارة إلى أن تجاوز حدّ معيّن من استهلاك الجسم للمياه قد يكون مؤذيًا في بعض الأحيان. فالكميات المفرطة من المياه تخفّض مستويات الصوديوم في الجسم، الأمر الذي يؤثر على خلايانا الدماغية وقد يؤدي إلى تقليص الوعي والهلوسات.

لا يمكن إنكار الحاجة إلى تمييه الجسم لكن ما من دليلٍ قاطعٍ على أنّنا بحاجةٍ إلى 8 أكواب من المياه في اليوم الواحد خصوصًا أنّ حاجات التمييه تختلف من شخصٍ إلى آخر وباختلاف الظروف. إن التوصيات الصادرة عن مجموعة «مايو كلينيك» الطبية البحثية أن الجسم بحاجة إلى المياه إلى أن يتمكّن من تعويض ما فقده خلال النهار وليس بالضرورة أن يتمّ التمييه من خلال المياه فحسب، إذ يمكن التعويل على السوائل والأطعمة الأخرى أيضًا. 

اترك تعليقا