خليل سالم-رفض تمويل ميليشيات الحرب فاغتالته

الولادة

ولد خليل ابراهيم سالم، والدته مسرة عبود في 23-12-1928 في بطرام في قضاء الكورة، في محافظة الشمال.

السيرة العلمية والمهنية

تلقى خليل تعليمه الإبتدائي في ثانوية آبا الوطنية وتخرّج في العام 1946 من ثانوية طرابلس الوطنية. لم تكن العائلة قادرةً على تحمل نفقات الجامعة فعمل خليل لفترة سنة كمدرسٍ في المدرسة الإبتدائية ثم التحق بجامعة حلب، وهي مؤسسة أميركية، لمدة سنتين.  في العام 1948، وبعد الإنتهاء من السنة الأولى، قبِل وظيفةً لسنة واحدة فقط في شركة نفط العراق والتي التحق بها بعد تخرجه من جامعة حلب في العام 1950. في العام 1951، التحق بالجامعة الأميركية في بيروت وعمل بدوامٍ جزئي مع وكالة الولايات المتحدة للمعلومات مما جعله مهتماً جداً بالمشاكل المالية في لبنان وقرر دراسة الإقتصاد. حصل على شهادته في العام 1953 والتحق بالدراسات العليا في الجامعة الأميركية في بيروت وعمل كمحلل اقتصادي للسفارة الأميركية. في العام 1955، أنهى دراسة الماجستير في الاقتصاد والتحق في خريف العام 1958 بجامعة فندربلت في الولايات المتحدة. عاد خليل إلى لبنان في العام 1960 وعمل بدوام كامل كمحللٍ اقتصادي في السفارة الأميركية إضافة إلى عمله أستاذاً مساعداً في الجامعة الأميركية بدوام جزئي. عاد خليل إلى فندربلت في العام 1961 و قدّم أطروحته بعنوان «الائتمان والنمو الاقتصادي في لبنان».

بعد الإنتهاء من شهادة الدكتوراه، أراد خليل أن يعمل في مجال يتيح له أن يكون أكثر إبداعاً والإستفادة الكاملة من قدرته الأكاديمية. فعمل منذ العام 1962 لغاية العام 1967، كأستاذٍ في الإقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت. كانت له معرفة كبيرة في مجال الإقتصاد والتمويل ومؤهلاته كخبير في هذا المجال تظهر في العديد من مؤلفاته مثل: «اقتصاد لبنان»، «بيانات ومعلومات أساسية»، «نظام الائتمان والنمو الاقتصادي في لبنان» وغيرها...

في آذار من العام 1966 عين مديراً عاماً للاقتصاد وفي 15 آب 1966، عيِّن محافظ البنك الدولي للإنشاء والتعمير، وضع نظماً ضريبية شاملة جديدة ولكنها رُفضت في وقت لاحق من قبل مجلس النواب اللبناني. وكان خليل حريصاً جداً على اتخاذ القرارات وفقاً للقانون وليس على أساس السلطة السياسية، وتمكّن في وقت قصير نسبياً من بثّ روح جديدة إذ تحولت وزارة المالية إلى مؤسسة حديثة حيث بنى علاقة مميزة بزملائه. أشارت الصحف المحلية إلى أنه «الحارس الصادق على الأموال العامة» وعندما اندلعت الحرب في صيف 1975، كان خليل ينتقل من منطقة إلى أخرى وكان صلة الوصل بين الأطراف المختلفة بسبب احترام الناس له وثقتهم به.

استطاع خليل أن يؤمِّن قرضاً مالياً للجامعة الأميركية لمنع إغلاقها بعد الأزمة المالية التي أصابتها خلال الحرب. في ذلك الحين، كانت وزارة المالية هي المؤسسة العامة الوحيدة الني كانت تعمل بشكلٍ جيد.

الخطف والقتل

في الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة في 30 تموز 1976 وبينما كان سالم يعبر شارع جاندارك في منطقة الحمرا بسيارته نوع بيجو متوجهاً من منزله في كليمنصو إلى مصرف لبنان حيث كان يحضر أسبوعياً لتسيير أمور الموظفين وتوفير رواتبهم. أوقفه أربعة مسلحين يرتدون ثياباً مدنية ويستقلون سيارة مجهولة الرقم، صعد اثنان من المسلحين في سيارة سالم وتابعت السيارة الثانية سيرها خلف السيارة المخطوفة. لم تفلح الجهود في الإفراج عنه إلى أن وجد مقتولاً في صندوق سيارته يوم الاثنين في 2 آب 1976.

كان العقيد أنطوان دحداح ومنذ شهرين أبلغ سالم أن لديه معلومات أنه سيتعرض للخطف وربما للتصفية ناصحاً إياه بترك المنطقة الغربية. لكنه رفض قائلاً له أنه سيبقى رسول محبة بين المنطقتين».

التهمة وجهت إلى جيش لبنان العربي بقيادة أحمد الخطيب المدعوم من المنظمات الفلسطينية لأن سالم رفض توقيع أوامر صرف رواتب بعض الجنود في الجيش العربي الذي انشقوا عن الجيش اللبناني فكان الخطف بغية الضغط عليه للتوقيع لكنه رفض الخضوع للضغوط. فكانت عملية القتل.ولكن تبقى هذه التهمة غير ثابتة.لكن الاكيد أن المنظمات الفلسطينية والمجموعات اللبنانية المتعاونة معها تتحمل مسؤولية الخطف والاغتيال لانها كانت الجهة المسيطرة في غرب بيروت.

في المعلومات والوقائع حول الحادثة، أدلى النائب ريمون إده عميد حزب الكتلة الوطنية في ندوة صحفية عقدها يوم الثلاثاء في 7 أيلول 1976: «أنه راجع يومياً جميع الفئات والمنظمات المسلحة في المنطقة للكشف عن مصير سالم. ولكنه فشل في سعيه وبعد اكتشاف الجثة انطلق في سعي جديد للبحث عن القتلة، وقد زاره ياسر عرفات رئيس منطقة التحرير الفلسطينية مساء يوم 18 آب وأبلغه أن لديه معلومات قد تمكنه من اكتشاف المجرم خلال 48 ساعة وبعد انقضاء المهلة، اتصل إده بعرفات، وفقاً لقوله فابلغه عرفات: «أن تسليم القاتل سيسبب مشاكل كبرى».

في برقية التعزية التي أرسلها ياسر عرفات إلى عائلة الفقيد جاء فيها:

«... لقد بذلنا طاقة جهدنا منذ اللحظة الأولى لعملية الخطف المجرمة التي استهدف الشهيد من اجل إنقاذه وبكل الأساليب غير أن المجرمين القتلة عملاء المخابرات المعادية سارعوا إلى تصفيته قبل أن تصل إليهم يد العدالة».

التشييع

يوم الثلاثاء في الثالث من شهر آب 1976 انطلق موكب التشيع من بيروت الغربية (كما كانت التسمية إبان الحرب) بعد قداس أقيم في كنيسة سيدة النياح للروم الأرثوذكس في شارع المكحول في الحمرا، وفي كلمة المطران غفرائيل صليبي: «أن خليل سالم قدم نفسه ضحية من اجل بقاء لبنان واحداً موحداً ضد التقسيم» ومن ثم توجه الموكب إلى المتحف حيث نقل إلى سيارة أخرى بعد دخوله المنطقة الشرقية، توجه الى كنيسة مار نقولا في الاشرفية حيث حضر رئيس الجمهورية المنتخب الياس سركيس وقال لقد خسرتك...... خسرت صديقاً.... خسرك لبنان. وبعد ذلك توجه الموكب إلى بطرام حيث دفن الجثمان .

قال رئيس مجلس الوزراء السابق سليم الحص: «عندما تمزقت المؤسسات الحكومية وكانت غير موجودة، كان خليل متواجداً في مكتبه يقوم بواجباته كاملة... سوف أتذكر خليل دائماً كالصديق الأكثر إخلاصاً ونزاهة، مثابراً في عمله. من أعظم إنجازاته كان المثال الذي قدّمه كمواطنٍ مسؤول وموظفٍ حكومي رفيع المستوى».

كانت معظم نشاطات خليل متعلقة بتنشئته في بطرام. فالحياة في المدينة والمراكز الرفيعة التي شغلها لم تجعله ينسى قريته حيث كان يمضي وقته بالزراعة. كان مهتماً بالقطاع التعليمي حيث عمل على إنشاء مدرسة جديدة وتحقيق حلم طفولته، والمساهمة في التعليم المجاني للشباب في قريته. 

 

اترك تعليقا