في الجامعة الأميركيّة: السّنة الثّانية
واستأجرنا غرفة جميلة، تطلّ على حديقة في وسطها بركة ماء في بيت الستّ كريمة ربيز. وممّا زاد في الغرفة راحةً وتوفيراً للنّفقات، مطبخ خشبيّ ملصق بالغرفة. فكان مسكنًا مستقلاً. وبعد أن استقرّ بنا المُقام، أنزلت شقيقتي إلى مدرسة البنات، وأعنتها في أمر التسجيل، وأوضحت لها الطريق التي يجب أن تسلكها-إذا لم تنزل مشياً مع رفاق لها من رأس بيروت- بالترامواي إلى باب إدريس، ومن هناك مشياً عبر السّرايا الكبرى إلى المدرسة. وعدت أنا إلى غرفة 112، إلى عميد كلية الآداب وسُجِّلت. وكالعادة لم يقتضِ من الوقت سوى دقائق معدودات. وطلبت من العميد إعفائي من حضور صلاة الصبح، لأنني سأعلّم المبشّرين في الإرسالية الأميركية في زقاق البلاط.
-
هل اتّفقت معهم على هذه الساعة بالذات؟
-
نعم، يا مولاي، وأنا بحاجة إلى العمل لأكسب عيشي.
-
أنت معفى
وأخذ وريقة صغيرة وكتب عليها: إنكليزي، عربي ثمّ قال: اختر الباقي. فقلتُ: التّاريخ الإسلاميّ مع أسد رستم، والكيمياء، وعلم الحيوان. وذهبت إلى الصندوق، ودفعت رسوم التعليم للفصل الأوّل بليرات فلسطينية. وبقي في جيبي منها شيء لشراء الكتب، وبابور على الكاز من نوع بريموس، وتنكة كاز ومقلاة وبعض أدوات السّفرة.
وسارت الأمور على أحسن ما يكون من اليُسر والتوفيق. إنّما ينبغي لي الآن أن أفكّر في أمرين هامّين: الأوّل إظهار قدرتي على استيعاب المعرفة والحصول على درجات عالية. والأمر الثاني إيجاد عمل لكسب بعض المال للفصل الثاني. فذهبت إلى مكتب الرئيس، وسألته إذا كان طلاّب السنة الماضية سيتابعون درسهم في العربية. قال: نعم، وإنّ العدد أكبر هذه السنة، وقد نطلب إليك أن تكرّس لهم ساعتين يومياً.
اترك تعليقا