مراكز المعاينة الميكانيكية : مصلحة الشركة أم مصلحة المواطن والدولة؟

بداية العقد

في آب 2002 وبناءً على كتاب وزير الداخلية والبلديات حينها الياس المر وافق مجلس الوزراء على اعتماد العرض الأدنى المقدم من مجموعة شركة (فال) السعودية المحدودة/ وهي شركة مسجّلة في لبنان، للقيام بأعمال تصميم وبناء وتجهيز وتشغيل محطات الفحص الفني للمركبات الآلية في لبنان وانتقالها إلى الدولة اللبنانية في نهاية العام 2012. وحدد عدد مراكز المعاينة ما بين 4-6 مراكز موزعة على المحافظات.

  • بيروت وجبل لبنان: مركز واحد أو مركزان

  • الشمال : مركز واحد

  • البقاع: مركز واحد

  • الجنوب والنبطية: مركز واحد أو مركزان

وقد أنشأت الشركة 4 مراكز فقط على أرض قدّمتها الدولة أي تم إعفاء الشركة من بناء مركزين. وحدد العقد مصدر التمويل على عاتق الملتزم، الذي يقوم باستيفاء بدلات المعاينة من أصحاب المركبات وفق الأسعار المحدودة في العقد، لكن العقد لم يحدد قيمة هذه البدلات التي خضع تحديدها لإرادة الملتزم بالتوافق مع وزارة الداخلية. وحدد العقد على إحداث 7 خطوط كحد أدنى لمعاينة المركبات دون 3.5 طن وان ينجز كل خط 150 معاينة يومياً وخط واحد كحد أدنى للمركبات فوق 3.5 طن. وحدد عدد العمال من تقنيين وغير تقنيين في كل مركز بـ 44 عاملاً كحد أدنى.

مراكز المعاينة وعدد الخطوط في كل منها

المركز

عدد الخطوط

خطوط لمعاينة السيارات

خطوط لمعاينة الشاحنات

خطوط لمعاينة الدراجات

الحدث

22

16

4

2

الغازية

6

4

1

1

مجدليا

4

2

1

1

زحلة

4

2

1

1

الإجمالي

36

24

7

5

المصدر: تقرير مجلس الوزراء

عقد الإشراف

مع توقيع عقد إنشاء مراكز المعاينة الميكانيكية مع شركة (فال)، وقعت الحكومة عقداً رضائياً مع شركة Vivauto للإشراف على إشغال تصميم وبناء وتجهيز وتشغيل هذه المراكز لقاء مبلغ 2.75% من الأسعار الموضوعة من قبل المشغل على أن تتقاضى هذه المبالغ من الدولة اللبنانية وليس من الشركة المشغلة. ومع تمديد عقد الإشراف لمدة 6 أشهر تم تخفيض النسبة الى 2.5%.

مطالبات الشركة الملتزمة

تعتبر الشركة أن هناك مبالغة في تقدير الإرباح بل إنها تعرضت لخسائر أو أرباح فائتة لخسائر نتيجة بعض القوانين والمراسيم والإجراءات الحكومية التي حرمتها من إيرادات كبيرة وهي:

  • 318.862 دولار أميركي نتيجة القانون 519/ القاضي بتأخير المباشرة بالمعاينة من 1-7-2003 إلى 31-1-2003.

  • 750 ألف دولار أميركي نتيجة قرار الحكومة باستبدال موقع مركز الشمال من رأس مسقا إلى مجدليا بعد مرور 10 أشهر على رسوم الالتزام ومباشرة الشركة العمل في الموقع الأول وتشييد المحطة.

  • 65 مليون دولار نتيجة عدم ملاحقة المركبات التي تتخلف عن إجراء المعاينة والمركبات التي خضعت للمعاينة عام 2004 بلغ عددها 650 ألف مركبة من أصل نحو 1.1 مليون مركبة مسجلة في لبنان.

  • 13 مليون دولار نتيجة عدم إخضاع السيارات المستعملة والمستوردة تقديم إفادة تثبت صلاحية السيارة المستوردة للسير.

  • 2.4 مليون دولار عدم زيادة الأسعار بعد رفع الحد الأدنى للأجور الذي بدأ العمل به اعتباراً من 1-5-2008 وفي حين إدارة الميكانيك اعتمدت الزيادة في 8-1-2009.

أي ما مجموعه نحو 81.5 مليون دولار.

وزارة الداخلية

ينتهي العقد مع شركة (فال) في نهاية العام 2012، وكان يفترض بوزارة الداخلية والبلديات المعنية بهذا العقد العمل على إيجاد البديل من خلال استعادة المنشآت وإجراء مناقصة عامة لتشغيلها أو تشغيلها مباشرة من خلال إعادة توظيف العاملين في المنشآت أو من يرغب منهم. لكن مع انتهاء العقد لم يكن لدى الوزارة البديل الجاهز فعمدت الحكومة أمام الأمر الواقع إلى التمديد للشركة ذاتها لمدة 6 أشهر والطلب إلى وزارة الداخلية والبلديات إعداد دفتر شروط لإطلاق مناقصة مفتوحة للشركات المحلية والعالمية على أن يلحظ إنشاء مركزين للمعاينة الميكانيكية في راشيا وبعقلين. وكذلك تفويض وزيري المالية والداخلية والبلديات توقيع عقود مع الشركة (فال) لإنشاء مراكز معاينة ميكانيكية لاستقبال وفحص المركبات المستعملة القادمة من الخارج عبر المنافذ البرية والبحرية، وتمديد العقد مع شراكة Vivauto لمدة 6 أشهر للإشراف على أعمال المعاينة الميكانيكية لقاء بدل 2.5% والطلب من وزارة الداخلية إجراء مناقصة لتلزيم عملية الإشراف.

وكانت وزارة الداخلية والبلديات قد عرضت على الحكومة تجديد العقد لمدة 5 سنوات تنتهي بتاريخ 31-12-2017. ووفقاً للمندرجات التالية:

  • التنازل عن كافة المطالبات والدعاوى التي إقامتها الشركة خلال السنوات التسع الماضية البالغة قيمتها نحو 81.5 مليون دولار. (سبق ذكرها)

  • بناء وتجهيز وتشغيل 6 محطات إضافية في مناطق: جبيل، الكويخات (عكار)، طرابلس، النبطية، صور، بعلبك، وذلك خلال مهلة 6 أشهر من تاريخ تسلمها العقارات من الدولة.

  • تحديث المعدات وصيانتها.

  • إنشاء محطات للمعاينة الميكانيكية في المنافذ البحرية والبرية التي تستقبل المركبات المستعملة من الخارج.

  • تشغيل المحطات الأربع المنجزة التي أصبحت ملكاً للدولة اللبنانية وفقاً للتالي:

  • تأمين عائدات مالية إلى الدولة في نهاية كل شهر بمبلغ مقطوع عن كل معاينة وفقاً لما يلي:

  • 15 ألف ليرة عن كل معاينة أساسية مدفوعة عن المركبات التي يزيد وزنها عن 3.5 طن (تتقاضى الشركة حالياً مبلغ 87900 ليرة).

  • 7 آلاف ليرة عن كل معاينة أساسية مدفوعة للمركبات دون 3.5 طن التي يتراوح عددها ما بين مركبة واحدة و600 ألف مركبة و8 آلاف ليرة عن كل مركبة ما بين 600,001- 900,000 مركبة و11 ألف ليرة ما بين 900,001 مركبة ومليون مركبة. و15 ألف ليرة عن المركبات التي تزيد عن مليون مركبة (تتقاضى الشركة حالياً 32,650 ليرة).

  • 5 آلاف ليرة عن كل معاينة أساسية مدفوعة للدراجات النارية (تتقاضى الشركة حالياً مبلغ 10 آلاف ليرة).

  • 25 دولاراً أميركياً عن كل معاينة مدفوعة للمركبة في المحطات المنشأة في المنافذ البحرية والبحرية (الرسم المحدد هو 100 دولار).

  • نصف بدل المعاينة التأكيدية المدفوعة.

بعد هذا العرض التفصيلي يمكننا إبراز الملاحظات التالية:

  • كان يفترض وفقاً للعقد الأساسي إنشاء 6 مراكز للمعاينة ولأسباب غير معروفة تم الاكتفاء بـ 4 مراكز.

  • ينتهي العقد في نهاية العام 2012 وكان يفترض التحضير لإجراء مناقصة لتلزيم المنشآت قبل ذلك بعدة شهور. وعندما وصل العقد إلى نهايته اعتبرت وزارة الداخلية ان لا قدرة لها على إدارة المراكز وبالتالي إما يجب تمديد العقد كما هو وإما الموافقة على تجديد العقد وفقاً لشروط الشركة المشغلة معدّلة كما جاءت في مشروع الوزارة. وفي حال الرفض هناك مطالب للشركة بقيمة 81.5 مليون دولار تطالب بدفعها.

  • يشتمل المشروع الذي عرضه وزير الداخلية على سبيل المثال على ان بدل معاينة الشاحنة أو الأوتوبيس فوق 3.5 طن هو 87900 ليرة ولا تحصل الدولة سوى على 15 ألف ليرة.

أرباح الملتزم ورأيه

لا تتوفر أرقام دقيقة حول الأرباح التي حققها الملتزم خلال فترة العمل ابتداء من 1-1-2004 وحتى 31-12-2012 لكنها تقدر بنحو 8.5 مليون دولار سنوياً. حيث يعتبر البعض أن الشركة تمكنت في السنة الأولى من استعادة قيمة الاستثمار وهذا ما يفسر رغبتها بتجديد العقد لسنوات قادمة. لكنّ شركة فال السعودية المحدودة تقول إنّ واقع الأمر هو غير ذلك وإنّ الأرباح تكاد تكون معدومة خاصةً إذا أخذت المخاطر بعين الاعتبار.

في نهاية شهر حزيران ينتهي العقد الممدد، فهل تتمكن الحكومة من إرساء العقد على شركة أخرى أو على الشركة ذاتها بعد تحسين الشروط فيتم خفض بدلات المعاينة من جهة وزيادة حصة الدولة من جهة أخرى، أم نكون أمام عقد جديد يغلب مصلحة الشركات الخاصة على حساب مصلحة المواطن وخزينة الدولة؟.

 

اترك تعليقا