القنديل الصغير - غسان كنفاني
فقد مات الملك الذي حكم كل حياته بعدل وأحبه كل الناس تاركاً وصية لإبنته الوحيدة قال فيها: "كي تصبحي ملكة يجب أن تحملي الشمس إلى القصر، وإن لم تستطيعي فإنك ستقضين حياتك في صندوق خشبي مغلق".
وفي صباح اليوم التالي قررت الأميرة أن تتسلق الجبل العالي الذي تمرّ من جانبه الشمس في كل يوم، ولكنها حين وصلت إلى قمّة الجبل اكتشفت أن الشمس ماتزال بعيدة جداً ولن تستطيع الإمساك بها، ولكنها لم تستسلم و قررت أن تواصل بحثها عن الشمس، فعلقت على جدران القصر بياناً تفيد فيه أن من إستطاع أن يساعدها في حمل الشمس إلى القصر، سوف يحصل على مكافأة من المجوهرات، ولكن أحداً لم يستطع أن يساعدها لأن طلبها مستحيل أن يتحقق. فحزنت الأميرة حزناً شديداً، وهي غارقة في حزنها حاول رجل عجوز يحمل قنديل أن يدخل القصر ولكن الحراس منعوه وأجبروه على المغادرة فصاح بهم: "إذا لم يكن بوسع إنسان عجوز أن يدخل إلى قصرها فكيف تطمح أن تدخل الشمس إليه؟"
وعاد العجوز أدراجه وشعرت الأميرة أن وراء كلمات الرجل العجوز لغز، فأخذت تناديه ولكنه اختفى في الزقاق...
طلبت الأميرة حينها إستدعاء كل رجل في المملكة يحمل قننديلاً آملة أن تلتقي بالرجل العجوز، وفي المساء جلست الأميرة أمام النافذة وفجأة شاهدت منظراً عجيباً ففي الأفق المظلم كان آلاف الرجال يحملون القناديل، يتقدمون نحو القصر، ومن كثرة عددهم لم يستطيعوا الدخول من أبواب القصر الصغيرة فأمرت الأميرة بهدم الأسوار وتوسيع الأبواب كي يستطيع الجميع الدخول وفي باحة القصر كان الضوء يتوهّج كأنه الشمس لكثرة الرجال والقناديل...
فهمت الأميرة إن القناديل الصغيرة مجتمعة هي الشمس التي قصدها والدها في وصيته، وهكذا لبست التاج وأصبحت ملكة بعدما نفذت وصية والدها بحمل الشمس إلى القصر.
اترك تعليقا