في الجامعة الأميركيّة: السّنة الثالثة

كان من جملة من علّمتهم العربيّة فتاة أميركية ، على جانب من الجمال وحسن القوام. أحببتها. وبواسطتها تعرّفت إلى مدير المياتم العامّ الذي كان يعمل في مؤسّسة الإغاثة الأميركية التي أنشئت بعد الحرب لمساعدة اليتامى والمُعوَزين اقتصاديًا وتربويًا. كان اسمه المِستر برون، رجل طيّب القلب، حسن الطّويّة. وكانت أمينة سرّه هذه الفتاة الحلوة.

سألته ذات يوم، أليس لديك عمل أعمله هذا الصيف؟ إنني بحاجة إلى كسب بعض الدراهم لأدفع رسوم الجامعة في الخريف القادم. فأجاب فوراً: نعم ! تفكّر الإدارة بتعليم أولاد الأرمن العربيّة. لأنّه يبدو لي أنّهم سيعيشون في لبنان. وينبغي لهؤلاء الأولاد أن يتعلّموا العربيّة المحكيّة، على الأقلّ إلى جانب مهنة تؤمن لهم كسب العيش. فما قولك؟ إنّنا نفتّش عن معلّمين، ومن أفضل منك اختباراً؟ وسنبدأ في الخامس من تمّوز، في ميتم جبيل، وفي ميتم صيدا، وعلى وجه التدقيق في الميّة وميّة حيث للإرساليّة الأميركيّة أبنية شاغرة . واستجاب الله سؤالي وخفّ بعض الهمّ.

لم أتردّد. قلتُ: نعم، مستعدّ. قال: غداً في العاشرة، ونتمّ الاتفاق. وفي العاشرة إلا بعض الدّقائق كنت أقرع باب مكتبه.

قال: أعطت أمينة السرّ شهادة ممتازة بقدرتك على تعليم العربيّة وبأسلوبك. طلبت من الإدارة أن نعطيك مبلغ 150 دولاراً عن خدمة شهرين ونصف. راتب محترم! أدفع منه للفصل الأوّل 85 دولاراً. والباقي إيجار الغرفة وثمن الغداء في مطعم فيصل نمرو 2. وتابع كلامه: لقد اتّصلت بمدير الميتم في جبيل، وأعطيته اسمك، وهو يتدبّر أمر المنامة والأكل. (المنامة والأكل في الميتم). عليك أن تكون هناك صباح الخامس من تمّوز.

وصعدت إلى رأس المتن لزيارة الأهل، ولزفّ الخبر المفرح إلى المعلّم بو نجم. قال: ألم أقل لك إنّ الله هو المدبّر؟

ولملمت أمتعتي، وعلى بركة الله إلى جبيل. كان الميتم يتألّف من عدد من البنايات الخشبيّة التي أقيمت على شاطىء رمليّ جميل. والميتم يعجّ بأولاد الأرمن، وأعمارهم تتراوح بين العشرين إلى الخامسة والسّادسة.

اترك تعليقا