الحزبان الديموقراطي والجمهوري وجهان لعملة واحدة - ألكسندر كوكبورن وجيفري كلير

يستهلّ كوكبورن الكتاب بمقالٍ كتبه بنفسه يشير فيه إلى أنّ التغيير الذي شهدته الولايات المتحّدة على مرّ الأزمان تمّ تحقيقه بفضل الحركات الشعبية وليس السياسات الحزبية، حتى أنّ أبسط المسائل كالتحسين في نوعية الغذاء على سبيل المثال يعزى إلى المزارعين والهيبيين وليس إلى حزبي السلطة. وتؤيّد براندي بايكر هذه الفكرة مضيفةً أنّه على الرغم من أن الحزب الديموقراطي يشكّل خياراً أفضل للناخبات الأميركيات، إلاّ أنّه لم يتدخّل جدياً لتحسين ظروفهن بشكلٍ فعليٍّ، فالرئيس بيل كلينتون على سبيل المثال لم يحرّك ساكناً لإقرار قانون حرية الاختيار في موضوع الإجهاض وقد بلغت نسبة المقاطعات التي تمنع المرافق الصحية لعمليات الإجهاض في عهده 85%. وواقع الأمر أنّ آل غور لم يقدّم لهذه القضية شيئاً سوى الشعارات الرنانة والفارغة. لذلك، تستغرب بايكر أن يُنظر إلى الحزب الديموقراطي على أنّه حامي لواء الحقوق الإنجابية. على عكس الحركات الأنثوية سابقاً، باتت لدى القيادات الأنثوية البارزة اليوم نزعة أكبر للدفاع وايجاد التبريرات للتقاعس. وتختم بايكر قائلةً إنّ “الحركات الشعبية تجدي نفعاً، على عكس نظام الحزبين الحاكمين .”

ولا يبدو وضع مجتمع السود أفضل من وضع المرأة في أميركا، فهو أيضاً لم يسلم من ضربات الجمهوريين والديموقراطيين على حدّ سواء. ويفيد أحد المقالات المشتركة لألكسندر كوكبورن وجيفري كلير أنّ الحرب ضدّ المخدرات تحولّت إلى حرب ضدّ السود منذ الإدارة الأميركية في عهد ريغان وحتى عهد كلينتون. وسّعت إدارة ريغان القوانين المتعلقّة بالمخدّرات وأجازت مصادرة ممتلكات المدانين بحيازة المخدّرات وحتى المتهّمين بذلك. وما لبث أن تحوّل هذا البرنامج إلى مصدر لتحقيق الأرباح إذ قامت الشرطة الفيدرالية بمصادرة ممتلكات بقيمة 500 مليون دولار مع بلوغ العام 1991، 80% منها يعود إلى أشخاص لم يسبق أن اتّهموا بأي جريمة. ويتابع كفين غراي ليظهر أنّ الرئيس كلينتون لم يبدِ أي اهتمام بالموضوع وازداد عدد الأشخاص الذين صودرت أملاكهم ب 700,000 بين فترة دخوله إلى الرئاسة وفترة خروجه منها. أماّ غريغ موسس فيبيّن كيف ساهمت القيود التي فرضها كلينتون على تمويل برامج التعليم في السجون في تخفيض عدد هذه البرامج من 350 إلى 8.

أماّ السياسة الأميركية الخارجية، فالحزبان شريكان متساويان في صياغتها، شأنها شأن الشوون الداخلية. لقد كان كارتر أوّل من باشر في التحريض ضدّ السوفييت في أفغانستان وشجّع صدّام على مواجهة الايرانيين . كما أنّ الحملة التي أطلقها جورج بوش ضدّ الارهاب بعد أحداث 11 سبتمبرفقد كانت بدعم من القيادات الديموقراطية. يفيد غبريال كولكو في مقاله بعنوان “التحالفات والامبراطورية الأميركية” أنّ “براعة الديموقراطيين في تبرير هذه السياسات هي أكثر خطورة لأنها ستصوّرها على أنها جديرة بالتصديق وتبقي على التحالفات القائمة.”

هدفت المقالات التي استعرضها هذا الكتاب إلى البرهنة أنّ الحركات الشعبية كحركات الحقوق المدنية والحركات الأنثوية التي توالت على مرّ التاريخ الأميركي كانت الوقود والمحرّك الأساسي لالتماس تغيير حقيقي في المجتمع ، في حين أنّ الأحزاب السياسية لم تقدّم لأميركا والأميركيين أية إنجازات فعلية وحقيقية ولم يكن من فوارق شاسعة في تطبيقها لسياساتها. لقد قدّم محررا مجلّة Counterpunch المعروفان بآرائهما المتطرّفة مراجعةً موسّعةً وشاملة لنتائج السياسات الأميركية على اختلافها ولمدى تأثيرها على المجتمع الأميركي بالمجمل. 

 

اترك تعليقا