حنّا سعادة - الكالسيوم والفيتامين د : الفوائد والأضرار في العلاج والوقاية
يساعد الفيتامين «د» الأمعاء على امتصاص الكالسيوم الغذائي عبر مجرى الدم ويساعد بالتالي العظام على استخدام هذا الكالسيوم. يتوفّر الفيتامين د في الدرجة الأولى في صفار البيض والأسماك الدهنية (ماكريل، سمك السلمون، سمك التونة) وكبد البقر. هناك بعض الأطعمة المقويّة بالفيتامين «د» كالحليب والألبان والأجبان والحبوب وعصير الليمون كما يمكن للفيتامين د أن يتكوّن تحت الجلد لدى تعرضّه لأشعة الشمس ما فوق البنفسجية، فالتعرّض للشمس مرتين في الأسبوع لمدّة ثلاثين دقيقة كلّ مرّة كفيل بتوفير ما نحتاجه من الفيتامين «د». والواقع أنّ الفيتامين «د» الموجود في الطعام والمكمّلات الغذائية هو عبارة عن مادة ما قبل هرمونية غير نشطة تتحوّل بفضل الكبد والكلى إلى هرمون نشطة في التمثيل الغذائي وتدعى كالسيتريول. تتفاعل هرمون الكالسيتريول مع معظم خلايا الجسم من خلال مجموعة محدّدة من المستقبلات تشبه المفتاح لباب مغلق وتجيز لبعض العمليات بالحصول داخل الجسم. تفاعل الكالسيتريول مع مستقبلات العضلات على سبيل المثال يعزّز قوّة العضلات وتوازنها في حينٍ يساعد تفاعله مع مستقبلات العظم على تقوية العظام. والعكس صحيح، أي أنّ النقص في الفيتامين «د» هو أحد العوامل التي قد تؤثر على صحّة وسلامة العضل والعظام فيترتّب عن لك المزيد من السقوط والكسور.
من المهم معالجة النقص قي الكالسيوم والفيتامين «د» لكن ما من مؤشرات واضحة إذا ما كان وصف جرعات منتظمة من الفيتامين «د» والكالسيوم لمن لم يسبق له أن تعرّض لأية كسور يحول دون مواجهته لمشاكل مماثلة في المستقبل. إن المعلومات المتوفّرة حول إعطاء الكالسيوم مع الفيتامين «د» لمن هم في تمام الصحة والتي تمّت مراجعتها عبر الهيئة الأميركية المختصة بالخدمات الوقائية USPSTF تفيد بأنّ هذا الخليط لا يمكنه منع ترقّق العظام أو الحدّ من الكسور، لا بل يمكن أن يسبب ضرراً في بعض الأحيان. لم تتناول مراجعة هيئة USPSTF مكمّلات الكالسيوم من دون الفيتامين «د» لأنّ معظم الناس يتناولون الاثنين معاً.
تناولت الدراسات أحد أكثر شرائح المجتمع تأثراً وقابليةً للعطب أي النساء البيضاوات المستقلات اللواتي تجاوزن سن اليأس لأنهنّ يسجّلن النسب الأعلى في ترقّق العظام والكسور. وعليه، فإن النتائج التي تمّ الخلوص إليها هي محصورة بهذه المجموعة ولا يمكن تعميمها على الرجال أو الإناث اللواتي لم يبلغن سنّ اليأس واللواتي هنّ أقل عرضة لمثل هذه الحوادث ولا حتى العجزة في دور الرعاية وإن كانت نسب إصابتهم بالكسور مرتفعة. كما أن الاستنتاجات النهائية لا تأخذ بعين الاعتبار فوائد وأضرار المكمّلات اليومية التي تتخطى الجرعة المعتمدة والبالغة 400 وحدة من الفيتامين د و1000 مغ من الكالسيوم والتي ستبقى موضوع بحثٍ للدراسات اللاحقة علّها تفلح في كشف ما إذا كانت هذه المكمّلات مفيدة أو مؤذية.
لذلك لا تنصح هيئة USPSTF بجرعة يومية بالغة 400 وحدة من الفيتامين د وما دون أو1000 مغ من الكالسيوم أو ما دون للوقاية من الكسور لدى النساء المستقلات اللواتي تجاوزن سنّ اليأس، علماً أنّها كانت قد نصحت في إحدى منشوراتها السابقة بالفيتامين «د» (من دون الكالسيوم) للحدّ من السقطات لدى من تخطى ال 65 من العمر أو لدى من هم معرضين لخطر الوقوع.
تسبّب الكسور، سواء تمّت معالجتها أم لا، ألماً مزمناً ونوعاً من الإعاقة والاتكالية كما أنّها تؤثر على نوعية الحياة وتزيد من معدّلات الوفاة. خلال حياتهنّ، تتعرّض 50% من النساء اللواتي تجاوزن سنّ اليأس إلى كسرٍ في العظم، وتسجّل الولايات المتحّدة وحدها 1.5 مليون كسر سنوياً. خلال الأشهر الثلاثة الأولى من كسر الورك، تزداد احتمالات الوفاة ب 3 إلى 4 مرّات ويتمّ بالتالي وضع 20% من المرضى في المستشفيات أو مؤسسات الرعاية ذات الصلة.
توصي هيئة USPSTF بالفحص في حالات ترقق العظام لدى النساء البالغات 65 عاماً وما فوق ولدى كافة النساء اللواتي يعانين من اضطرابات تزيد من خطر الإصابة بترقّق العظام.
إنّ الجرعات المعتادة من الفيتامين «د» والكالسيوم تزيد من حصى الكلى. في دراسة مبادرة صحة النساء، تبيّن أن واحدة من أصل 273 امرأة تناولت المكمّلات عل مرّ سبع سنوات تعاني من مشكلة الحصى في الكلى، أمّا تناول الكالسيوم من دون الفيتامين فيزيد من خطر الإصابة بنوبات قلبية سببها التكلسات التي تتشكّل في الشرايين التاجية، لكنّ هذه المعلومات هي وليدة الملراقبة وليست موثّقةً في دراسات مخطّطة. على عكس المكمّلات الغذائية، لا يسبّب الكالسيوم الغذائي أيّ تكلّسات قلبية ولذلك يفضّل تناوله.
لا تقتصر فوائد الفيتامين «د» على مساعدته للعظام والعضلات بل إنّه يساعد أيضاً جهاز المناعة على محاربة الالتهابات الفيروسية، ويشاع أنّه يقلّص إمكانية الإصابة بأمراض عصبية وسرطانية وقلبية على الرغم من غياب الدراسات التي تجزم ذلك. إنّ تناول 1000 وحدة من الفيتامين «د» أكثر من كافٍ لمن لا يتعرض للشمس بصورة نظامية أما تخطّي ال 4000 وحدة فقد يكون ساماً للقلب والكلى والدماغ، لكن قياس معدّلات الفيتامين د في الدم ليس ضرورياً لدى الأشخاص الذي يلتزمون بعادات صحية وسليمة.
قبل تناول أيّة مكّملات، لا بدّ من التأكّد أنّها مطابقة لدستور الأدوية الأميركي وتحمل ملصقاً يؤكد أنّها خالية من الشوائب و تحتوي تماماً ما هو منصوص على الملصق.
إنّ التمرين بصورة دورية والتعرّض المعتدل للشمس وعدم التدخين أو الإفراط في تناول الكحول كلّها عادات أهم بكثير من تناول المكمّلات من أجل دوام الصحة والعافية.
اترك تعليقا