حدث في مثل هذا الشّهر في فلسطين -خطف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لثلاث طائرات في حقل داوسون الميداني في أيلول عام 1970

تأسّست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إثر هزيمة العرب في حرب الأيام الستة ضدّ اسرائيل عام 1967 فعمدت إلى تبنّي ايديولوجيا ماركسية لينينيّة رأت في اسرائيل وكافة حلفائها ومناصريها أعداءً وخصوماً لها. أتت عمليّة الخطف هذه في خضمّ فورةٍ ثوريّة فلسطينيّة نتيجة صراع 22 عاماً أُرغم فيه الفلسطينيون على مغادرة أرضهم واللجوء إلى مخيّمات لا تلبّي الحدّ الأدنى من الحاجات الإنسانية الأساسيّة. وكانت المعركة تتفاقم بالنسبة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد المعارضة التي واجهتها من بعض أحزاب الأنظمة العربية الرجعية.

كانت الآثار التي تلت عمليّة الخطف مدويّة، فبعد تنفيذ العمليّة، أعطى الخاطفون الحكومات المعنيّة إنذاراً مدّته 72 ساعة لكي ينصاعوا إلى شروطهم ويطلقوا سراح عناصر الجبهة الشعبية المحتجزين لقاء الإفراج عن الركّاب الرّهائن. وفي 12 أيلول وقبل انقضاء مدّة الإنذار، فجّر الخاطفون الطائرات التي كانت فارغة من ركّابها للتأكيد على جديّة نواياهم والتحذيرمن أنّ الأمر ليس مجرّد دعابة. كانت بريطانيا أوّل من بادر إلى التفاعل مع هذا التفجير فأعلنت استعدادها لتبادل الأسيرة ليلى خالد المحتجزة في بريطانيا مع رهائن عملية الخطف، الأمر الذي أثار سخط حلفاء بريطانيا الذين اعتبروا أنّ هذا التنازل من شأنه التمهيد للمزيد من العمليات المماثلة.

ترك هذا القرار ذيولاً على مستوياتٍ عدّة فقد هدّد قبل كلّ شيء علاقة بريطانيا مع أميركا واسرائيل والأردن ودفع بالملك حسين إلى ارتكاب جرائم أيلول الأسود التي زادت من سخط العرب ضدّه. ثالثاً، حضّ هذا القرار سوريا على مهاجمة الأردن وإلى استنجاد هذه الأخيرة ببريطانيا وأميركا لدحر القوات السورية. أمّا الملك حسين، فقد تعرّض لحملات قدحٍ وتشهير من قبل الدول العربية المجاورة التي ندّدت بهجومه على المجموعات الفلسطينية وسفكه لدماء العديد من الضحايا. يشاع أنّ عملية الخطف شكّلت ذريعةً للملك حسين لشنّ هجومه على المجموعات والقواعد الفلسطينية وما كان ليتجرّا على الهجوم لولا هذه الذريعة. أخيراً، عمد الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بعد هذا القرار إلى تصميم نظام حماية مضاد للخطف للحدّ من أي حوادث مماثلة في المستقبل.

تجدر الإشارة إلى أنّ هذه العمليّة أفضت إلى تحرير كافة المعتقلين الفلسطينيين وانتصار الثوار الفلسطينيين الخمس الذين كانوا في العقد الثاني من العمر على أعظم حكومات العالم حينها. اليوم، وبعد مرور بضعة عقود على الحادثة لا يزال الصحافيون والمدنيون يستغرقون في استذكار تلك المرحلة: "سيُذكر للملك حسين أنّه كان وعلى فترةٍ طويلة أداةً في خدمة الامبريالية، ومتعاوناً طوعياً مع الظالمين الصهيونيين ومحرّضاً على القتل الجماعي. لقد كان الملك الوحشيّ لأيلول الأسود." 

اترك تعليقا