في ميتم الميّة وميّة

سألت عن المديرة، قالوا عندها زوّار: ضبّاط من الجيش! لن تقابلك الآن. الستّ روز عطيّة تتدبّر أمرك. والستّ روزعطيّة من سوق الغرب. وكان لها أخت تعمل معها (نسيت اسمها) في الميتم في قسم البنات. أحسنت وفادتي، وعيّنت لي غرفة نوم، وطلبت من الخادم أن ينقل الحقيبة، ثمّ جلست تسألني وتحدّثنيز وسررت جداً بهذا اللّقاء اللّبنانيّ واستبشرت خيراً.

كانت المديرة امرأة أميركيّة، أرملة (أو مطلّقة)، لم يخلق الله أجمل منها. كانت ملكة متوّجة، تحت إمرتها أكثر من 1500 نفس بين يتيم ومعلّم وخادم. وكان سكّان الميتم يهابونها جدًّا، ولا يجرؤ أحد على الكلام في حضرتها. لا أذكر اسمها. وأخبرتني روز عطيّة أنّها امرأة يُخشى جانبها، وعشّاقها كثر، ومن أحسن وأجمل شباب الحيّ! انتبه!

شكرت روز على هذه المعلومات. أوجست شراً. غير أنّي قلت في نفسي: ما لي ولكِ يا امرأة! أريد أن ينتهي الصّيف بسلام لأقبض الـ 150 دولاراً.

ولقيت من عناد وتصلّب عند أيتام الميّة وميّة ما كنت قد لقيته عند أيتام جبيل: رفضٌ تامّ. “نحن أرمني بيحكي أرمني، نحنا ما بيريد يحكي أربي”. هكذا كان التجاوب من قبل التلاميذ.

بقيت أيّاماً آكل وأشرب، وأرافق السّت روز في زياراتها إلى أهل الميّة وميّة وعين الحلوة. وتعرّفت إلى رئيس قسم النّجارة، فكنت أذهب إلى معمله لأتسلّى. وحاولت صنع طاولة زهر. وأعانني على ذلك، والطّاولة هذه لا تزال عندي في البيت! كلّ هذا، ولم أقابل الملكة المتوّجة، ولا هي اهتمّت بأمري. 

اترك تعليقا