توفيق معوّض - رئيس بلدة زغرتا

يشهد الشارع الرئيسي في البلدة المتجّهة نحو طرابلس زحمة سير خانقة تحبس المواطنين فتراتٍ طويلة ناهيك عن أنّه يتعرّض إلى ضغوطات كبيرة على المستوى الاقتصادي باعتباره المركز التجاري الرئيس في القضاء، وقد تعاظم الضغط بشكلٍ ملحوظ بعد الأزمات التي اندلعت في طرابلس من جهة، والنشاطات التي قمنا بها لإنعاش هذا السوق من جهة أخرى وذلك عبر إطلاق بطاقة Zghartaholic التي تخوّل المواطن من الاستفادة من الحسومات في السوق الزغرتاوي بالتعاون مع التجّار المحليين. لذلك، عمدنا إلى فتح طربقٍ جانبيّة تؤمن تحويرةً من داخل زغرتا إلى أطرافها بغية تخفيف الضغط عن السوق.

أمّا الخطوة الجبّارة الثانية فقد كانت في موضوع عدّادات الوقوف. زغرتا مدينة ريفية وسكّانها هم أهالي الضيعة وتطبيق القوانين على هذه الأسس ليس بالأمر السهل، لكنّنا تمكّنا من تنفيذ هذا المشروع لتخفيف احتقان السير الذي يشكّل تحدّياً أساسياً في المدينة. وقمنا بتخطيط لطريق جانبي آخر من الجهة الثانية من المدينة فألغينا بعض التخطيطات السابقة التي لم تنفّذ، ما سمح بتحرير بعض الأراضي ومكّن الناس من الاستفادة منها وشكّل مدخولاً إضافياً للبلدية.

زغرتا ليست مدينة تجارية فحسب بل لها طابع زراعي أيضاً وهي تتميّز بإنتاج الزيتون والحمضيات، لذلك تشكّل أقنية الريّ موضوعاً أساسياً لدينا وقد قمنا بإعادة تأهيل العديد من الأقنية وإنشاء أقنية جديدة. كما أنشأنا مع مؤسسة مياه لبنان الشمالي شبكة مياه جديدة في بلدة عردات التابعة لبلدية زغرتا وقد شارفت على نهايتها. في إهدن تمّ إنجاز شبكتي مياه وصرف صحي ومحطتي تكرير بتمويل من صندوق أبو ظبي وتنفيذ مجلس الإنماء والإعمار. لا شكّ أنّ المجلس البلدي سعى جهده خلال السنوات الثلاث الماضية لتحسين وضع البنى التحتية والفضل في ذلك يعود لدعم النائب سليمان فرنجية.

هناك مشاريع مستقبلية أيضاً في هذا الإطار، منها اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لإعادة تأهيل وترميم سوق ساحة الميدان وسيبدأ التنفيذ في منتصف أيلول. الشارع طوله 200 متر وقد بلغت الكلفة التقديرية لترميم الواجهات والمحال 200 ألف دولار. في الشق الثاني، تمّ تقديم مشروع لمجلس الإنماء والإعمار بقيمة 1.7 مليون دولار له علاقة بالبنى التحتية في ساحة الميدان ويرمي إلى طمر خطوط الكهرباء وإنشاء أرصفة أكبر ومنع السيارات من التوقّف في الساحة وتبليط الطريق العام Pavage لتصبح المنطقة سياحية مخصصة للمشاة.

قُدّم أيضاً مشروع للصندوق الكويتي، نال موافقة مجلس الإتماء والإعمار، وهو موقف عمومي في إهدن يتألف من ثلاث طوابق قادر على استيعاب كافة السيارات التي تقصد منطقة الميدان. وافق الصندوق الكويتي على المشروع لكن كما هي العادة في لبنان هناك روتين إداري لا بدّ من اجتيازه قبل أن يبصر المشروع النور، لكننا أكثر حظاً من الآخرين إذ هناك من يطالب ويسعى دوماً باتجاه تحقيق مصلحة المدينة.

بيئياً، محميّة حرج إهدن هي أولى المحميات الطبيعية التي أقرّت بموجب قانون 121 في لبنان في العام 1992 وما ميزّها عن كافة المحميات الأخرى هو التنوّع والغنى البيولوجي على مستوى الـ fauna والـ flora بحكم موقعها الجغرافي. نحن نزرع سنوياً ما لا يقلً 10 آلاف شجرة في جرد إهدن أي محيط المحمية وهي أملاك مشاع، كما قمنا بإنشاء مشتلنا الخاص الذي يوفّر لنا 16000 نصبة سنوياً. المسألة أكثر تعقيداً في زغرتا بفعل الثورة العمرانية وضيق المدينة لكننا نحاول قدر المستطاع زيادة المساحات الخضراء في الشارع الأساسي وعلى الأطراف.

كيف تميّزت زغرتا بضمّها منطقتين متباعدتين عقارياً، إحداها للإصطياف والأخرى مركز قضاء وكيف توفّق البلدية بين المدينتين؟

الواقع أنّ الرابط بين المدينتين هو رابط تاريخي. إهدن هي الأساس على الرغم من أنّ كافة سجلّات النفوس هي في زغرتا اليوم. في الماضي كان السكان يقضون موسم الشتاء في إهدن، لكنّ قساوة الطقس أرغمتهم على الانتقال إلى زغرتا على مرّ السنين. الغريب أن طريقة تعامل الزغرتاوي-الإهدني مع محيطه تختلف تماماً بين زغرتا وإهدن فتراه هنا يقوم بالتعديات والمخالفات وفي إهدن يتحوّل إلى الريفيّ الخاضع للقانون والمتعاطف مع الطبيعة والتربة، وهذه ظاهرة فريدة تستدعي دراسة جديّة لسوسيولوجيا الشخص.

لكنّنا في عين الدولة والقانون مدينة واحدة وهذا يصعّب علينا الأمور فمواردنا المالية تتوزّع في الواقع على مدينتين لكلّ منهما حاجاته الخاصة. قطع حسابنا لا يتجاوز 1.5 مليون دولار، يذهب مليون دولار منها لتغطية تكاليف العمّال والتنظيفات والصيانة، والمبلغ المتبقّي أي نصف مليون دولار لا يكفي لتغطية كلفة جمع النفايات وبضعة مهرجانات (مهرجان عيد الميلاد، مهرجان الربيع..) خصوصاّ أنّه يتوزّع مناصفةً على المدينتين.

ما هي أبرز المشاكل التي واجهتكم في عملكم ؟

مشاكلنا لا تختلف عن مشاكل كل البلديات الأخرى في لبنان وفي طليعتها التأخير في دفع مستحقات البلديات من عائدات الصندوق البلدي المستقل. كيف يمكن للبلدية التخطيط ووضع خطط العمل وبرمجة المشاريع في ظلّ هذا التقصير وغياب المداخيل؟ تبلغ حصّة زغرتا من الصندوق البلدي المستقل 1.2 مليون دولار وتؤمن البلدية نحو 300 ألف دولار من خلال جباية الضرائب المباشرة. لقد حصلنا اليوم على الدفعة الثانية عن العام 2011 مع أنّه يفترض أن نكون قد حصلنا على الدفعة الثانية عن العام 2012 قبل شهر أيلول. في المناطق الريفية والبلديات خارج بيروت الكبرى، تشكّل عائدات الصندوق البلدي المستقلّ 80% من الايرادات و20% للرسوم والضرائب لكنّ العكس صحيح في المدن الكبرى لأن كلفة الرّخص فيها مرتفعة. في زغرتا مثلاً تكلّف الرخصة 3 ملايين ليرة كحدّ أقصى أما في الحازمية فترتفع الكلفة إلى مليون دولار أميركي، لذلك تأخر الصندوق البلدي لا يسبّب مشكلة عسيرة لديهم لأنّهم يؤمنون حاجاتهم المالية من الجباية، أمّا في حالتنا فالتأخير يعني تأخيراً في سيرورة العمل ودفع رواتب الموظفين.

يشكّل التأخير في إنجاز المعاملات في الإدارات عائقاً آخر وعليك ملاحقة المعاملات من مكتب إلى مكتب ومن موظّف إلى موظّف وإلا بقيت قابعة على الرّف لسنوات. بالإضافة إلى ذلك، عدم الاستقلالية المالية الذاتية والاعتماد على التمويل من بعض الجهات والوزارات ومجلس الإنماء والإعمار قد يؤثر على بعض المشاريع خصوصاً ما لم يكن هناك توافق سياسي بين البلدية والجهة المموّلة. لذلك نحن نشجّع اللا مركزية وندعو إلى منح بعض الاستقلالية للبلديات مع الإبقاء على الرابط مع الدولة المركزية.

مع فائق احترامي للوزير الحالي ولحساسية الوضع الأمني الداخلي، لكنّ هذا لا ينبغي أن يثنيه عن الاستماع إلى هواجس البلديات وإعطائها الحيّز اللازم من الجهد والاهتمام. لقد تتالى على وزارة الداخلية والبلديات وزراء قدّموا الكثير للبلديات ودعموها بكلّ ما لديهم كميشال المر وسليمان فرنجية ولا بدّ من وزير يتحمّل مسؤولياته تجاهنا على النحو ذاته. هل يُعقل أن تذهب مخصّصات البلديات التي قام بتحويلها وزير الاتصالات أدراج الريح؟ هذا الأمر لم يعد مقبولاً.

ما هي خطتكم ومشاريعكم للسنوات الثلاث القادمة ؟

لقد سبق وتحدّثنا عن العديد من مشاريعنا المستقبلية، كما أننا وضعنا مع الفرنسيين خطة استراتيجية لمنطقة زغرتا-إهدن. واعتبرنا كمجلس بلدي أننا في حال لم نترك أي مشاريع منفّذة، أقلّه نكون قد تركنا خطّة أو فكرة أو ما نسميه fil conducteur يمكن لمن سيأتي مستقبلاً التمسّك به والبناء على ضوئه، إن على المستوى البيئي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. أحصينا 12 مشروعاً على مرّ 12 سنة وإن لم نتمكّن من تنفيذها، نكون قد قدّمنا خارطة طريق تسهّل عمل المجالس البلدية المستقبلية بما يخدم مصالح زغرتا والزغرتاويين. أنا أعتقد أنّ السير على هذه السكّة المرسومة من شأنه تحويل زغرتا إلى منطقة نموذجية خلال 10 أو 15 عاماً.

كم عدد العاملين في البلدية ؟

يبلغ عدد العاملين في البلدية 108 موظّفين، منهم 35 إدارياً. نحن نحتاج إلى بعض الدعم على مستوى الشرطة لكنّ الوضع المالي لا يسمح بالتوسّع في هذا المشروع. 

 

اترك تعليقا