سقوط مرسي

أخفقت الحكومة المصرية بعد انتخاب مرسي بتنفيذ أي إصلاحات على المستوى الاقتصادي. فالسياحة التي كانت القطاع الأبرز في الاقتصاد المصري تراجعت بشكلٍ ملحوظ وهناك انقطاع مستمر في التيار الكهرباء في كافة أنحاء البلاد، ناهيك عن معاناة المصريين من نقصٍ شديدٍ في المازوت. والواقع أنّ الثورة لم تحقّق أي تحسّن ملموس على حياتهم، حتّى أنّ احتياطي العملات الأجنبية انخفض بحدّة شأنه شأن الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

بعيداً عن العوامل الاقتصادية، لم يظهر مرسي أي استعداد أو نيّة للتعاون مع الجهات المعارضة وقام بعزل كافة الجماعات التي لم تمنحه صوتها. وبعد انتخابه رئيساً، أصرّ مرسي على وضع دستورٍ جديد على الرغم من المعارضة الشعبية لهذا الاقتراح. وما زاد الطين بلّة وفاقم النقمة الشعبية هو إقدامه على توسيع سلطاته وصلاحياته بغية تخطّي المحاكم التي كانت تعيق إنشاء دستور جديد لمصر. وقد برّر الأخوان المسلمون التغييرات التي باشرها مرسي على أنّها خطوة ضرورية لإعادة تشكيل الحكومة في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، عمد مرسي إلى تعيين أعضاء من الأخوان المسلمين في مناصب حكومية، فعيّن عضو الجماعة الإسلامية محافظاً للأقصر ما اعتبره الكثيرون تصرّفاً غير منطقي. وإلى جانب الهواجس المتزايدة من أن سياساته قد تلحق ضرراً كبيراً بالقطاع السياحي الذي ينشط في تلك المنطقة، كان يشتبه في أنّ لمرسي يد في الهجوم الإرهابي الذي استهدف سياحاً عام 1997. على خلفيّة البلبلة التي تلت تعيين محافظ الأقصر، سرعان ما قام هذا الأخير بالتخلي عن منصبه. أما في وزارة الثقافة، فقد خشي الفنانون والمثقفون المصريون أن يؤدي تعيين وزير تابعٍ للأخوان المسلمين إلى تشديد الرقابة والقيود على حريّة التعبير، فسارعوا إلى احتلال الوزارة لدرء تهديد الأخوان على الحريات الفنية والثقافية.

خلال عام توليه السلطة، شدّد مرسي على أنّه سيلجأ إلى الانتخابات كالمصدر الأساسي والوحيد للديموقرطية ولهذا أخفق في التعامل مع معارضيه، الأمر الذي دفع بالملايين إلى التجمهر في الساحات المصرية لمطالبة الجيش المصري بالإطاحة بمرسي وتولي الحكم. وهكذا، أسقط حكم الأخوان وتمّ تعيين رئيس مؤقت للبلاد. ولعلّ الجانب الديموقراطي الوحيد لهذا الانقلاب هو المطالبة الشعبية به، لأنّ الحكم العسكري مخالفٌ تماماً للديموقراطية الذي دأب المصريون لتحقيقها خلال العامين الماضيين. هذا وقد تزايدت حوادث العنف ووقع الكثير من الضحايا من القوات العسكرية والأمنية والمؤيدين للأخوان المسلمين وكذلك المواطنين المصريين. كما تمّ سجن الرئيس مرسي ومرشد الأخوان والعديد من القادة التابعين لهم، في حين تقرّر إجراء الانتخابات في شباط 2014 كحدٍّ أقصى.

وحتّى ذلك الحين تبقى الديموقراطية معلّقة في مصر مع تنامي الحساسيات بين الأخوان والجيش المصري وتعريض البلاد للمزيد من الانقسامات والتشرذمات الداخلية. 

اترك تعليقا