نور وريم شمس الدين : قصّتا نجاح

نور وريم شمس الدين: قصّتا نجاح


أغلب ما نكتب يُعتّم على القلب، وأغلب ما نحصي يُعتّم على القلب وأغلب التوقعات تُعتّم على القلب. لكن هناك نقاط ضوء وسط هذا الظلام المدلهم.

هناك من يعمل دون كلل، ومن يصارع المرض والفقر بابتسامة، ومن يتقن عمله فناً وصناعة وفكراً وغلالاً بفخر المتواضع، ومن يأبى الذل والرشوة والظلم. هؤلاء هم الجنود المجهولون. لا يستجدون منصباً أو مالاً ولا يتعصبون لزعيم أو طائفة ولا يعملون نمّامين أو مخبرين هنا أو هناك ولا يطعنون وطناً أو صديقاً.

هؤلاء الخلَّص من البشر العاديين لا تحفل ولا تحتفل بهم وسائل الإعلام فهم ليسوا “خبراً”.

أن كان من حق أو خير أو جمال في هذه البلاد فهو منهم. 

ومن هؤلاء فتاتان عرفتهنّ طفلتين: نور (19 عاماً) وريم (18 عاماً) محمد شمس الدين.

تربيتا في بيئة منفتحة، الكتب عندهن خبزهن الآخر، لم تعرفا الطائفة أو الطائفية، تمكنتا بجدارتهنّ وجهدهن منذ الصغر من الدراسة بتفوق في مدرستي القديس يوسف في صيدا وبيروت فحازتا على منحتين: نور إلى الـ (IC) (2007-2012) وريم إلى الـ (ACS) (2006-2013) فأكملتا الدراسة التكميلية والثانوية ثم فازتا بمنحتين كاملتين أخريين: ريم إلى جامعة Dartmouth في New Hampshire ونور إلى جامعة Trinity في Connecticut.

لا واسطة زعيم ولا منحة من جهة سياسية أو طائفية ولا هذه ولا تلك. الكفاءة والنزاهة والجدارة وباختصار الإيمان إن في إتقان العمل تكمن الحلول ويأتي النجاح.

أتقنتا الدراسة وخدمتا مجتمعهما وأخلصتا العمل فحلّقتا فوق كل ما نراه من تفاهات. ترى أين ستعمل ريم ونور بعد التخرج؟ طبعاً ليس لدى حكومات لبنان، فهما ترفضان أن تسجّلا أنهما من طائفة معينة أو لزعيم معين وينتظران  بناء وطن على أساس المواطنة.

من قرية نصري شمس الدين (ريم ونور قريبَتاه)، من جون اللايدي ستاينهوب حيث قناطر قصرها المتهاوية إلى كونيتيكت ونيوهامشير رسمت كل من ريم ونور قصتي نجاح. قصتان نرويهما لهذا الجيل والأجيال التي ستولد، لماذا؟ لأننا نحلم ونعمل وننتظر.

نعمل ونحلم ونردد مع نصري:

ببلاد اللنا غربونا
عن لون السما غربونا
ورق الذل زهر عالشجر
سرقوا الليل وسرقوا القمر
ويقولولي هاجر وشو ناطر
ناطر أنا ناطر..

نور وريم شمس الدين قصتا نجاح؟ بل قصة نجاح واحدة لبيت توحد تحت شعار العلم والعمل والمواطنة. هكذا تكون بيئة المبدعين وهكذا تبنى المصانع والمدارس ويولد الفكر والفن. وهكذا تربي الأهل أولادها. وبالمناسبة ريم ونور أتقنتا اللغة العربية كاللغات الأجنبية. إن فخرهما بلغتهما الأمّ مصدر فخر لنا جميعاً.


نعمل وننتظر أن تعمّ هذه البلاد نقاط ضوء مثل ريم ونور. نقاط ضوء تضيء ليلنا الطويل!

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقا