كيف تفكّر القاعدة (2) - العمليات العسكرية والإنتحارية

كل هذا يدفعنا للبحث و التقصي في فكر القاعدة وموقفها من الأعمال العسكرية ومن العمليات الانتحارية أو الاستشهادية أو الإرهابية كما يسميها كل طرف تبعاً لميوله السياسية والإسلامية .

ومن مواقف القاعدة :

إذا كان هناك هدف سهل الوصول إليه، مثل مبنى للعدو يعقد فيه اجتماعات - مثلاً ونحو ذلك وهدمه يتم بشرك مفخخ صغير الحجم، إلا أن لدينا مخزوناً جيداً من المتفجرات قد يتم التخلص منها أثناء تحركنا بدون استخدام، فيمكن في هذه الحالة استخدام كمية من المتفجرات لا لتهدم المبنى فقط او حتى تسويه بالأرض ولكن لتجعل الأرض تبتلعه ابتلاعاً وفي ذلك تتضاعف كمية الرعب لدى العدو، وتتحقق ايضاً أهداف إعلامية جيدة من أبرزها عدم استطاعة العدو إخفاء خسائره، ومثل ذلك تكرر كثيراً وتحقق من ورائه نتائج جيدة عديدة.

ومن القواعد الهامة أيضاً التي كانت عماد الحروب في السابق و الحاضر، ومازال علماء الاستراتيجيات والمؤرخون يتحدثون ان تركيز جماعات الجهاد عليها سيعجل بانهيار الأعداء كل الأعداء، وهي ان اقرب وسيلة لهزيمة العدو الأقوى عسكرياً هي استترافه عسكرياً واقتصادياً - بالطبع اقتصادياً عن طريق عمليات عسكرية في الأساس بجانب الأساليب الأخرى- ، حتى أن رمسفيلد يقول للصحافيين مبرراً نكساته: (ما المطلوب من ان نفعل أكثر من ذلك ؟ لا تنسوا أننا ننفق المليارات في مواجهة عدو ينفق الملايين) وصدق - بقدر ما - وهو كذوب، حتى أن أحد الباحثين الأجانب يقول إن ما اسقط الاتحاد السوفييتي السابق هو استنزاف قدراته الاقتصادية والعسكرية في الحروب الصغيرة وغير ذلك خاصة حرب أفغانستان وما تمخض عنها، وإن مصير أميركا في حروبها الحالية نفس المصير تقريباً، ثم ختم دراسته مازحاً (انه ليس هناك داع لقيام أعداء أمريكا إلى ترويج استنزاف للتعجيل بانهيارها لان بوش يقوم بذلك بنفسه بشكل جيد

إن أصغر وحدة في العمليات العسكرية ولو كانت كيفية تجهيز وتخزين السلاح وتنظيفه، - مثلاً- كلها تخضع لقواعد وضوابط يجب أن يتعلمها كل عضو في تخصصه وفيما يلزمه على الأقل، واذكر هنا بمناسبة هذا المثال أن محاولة اغتيال طاغوت من أخبث الطواغيت في مصر وهو وزير الإعلام صفوت الشريف فشلت بسبب أن المنفذ الذي كانت مهمته قتله قد خزن السلاح ليلة العملية في مكان به رطوبة عندما قام زميله الذي واجه السيارة أولاً بإصابة الحارس وجاء عليه الدور لإصابة الوزير فانحشرت الطلقات ونجا الوزير.

معدل العمليات يكون تصاعدياً ليبث رسالة عملية حية للناس والشعوب وصغار جند العدو أن قوة المجاهدين في تصاعد، فكل هؤلاء لا يعرفون هذه القواعد وما ينطبع في أذهانهم من تصاعد العمليات - إما من حيث العدد أو النوعية أو الانتشار أو كل ذلك - أقول ما ينطبع في أذهانهم ويرسخ أن المجاهدين في تقدم مستمر والعدو في تراجع وأن مصير العدو الهزيمة ، مما يجرئ الشعوب ويحيي الأمل في نفوسهم ويسهل مدداً دائماً للحركة وتصاعداً ذاتياً للحركة ، لذلك ينبغي أن نخطط عملياتنا بأن نبدأ بعمليات صغيرة ثم الأكبر وهكذا حتى لو كان في إمكاننا القيام بالكبيرة من البداية، كما رتبت منظمة القاعدة عمليات إشعال المواجهة، هذا فضلاً عن فوائد أخرى كثيرة من تصاعدية الأعمال منها الارتقاء بالشباب وتعويدهم على المواجهة وغير ذلك.

ويجدر هنا التنبيه على أن الشطر الخاص بالانتشار الذي ذكرناه في القاعدة السابقة لا يعارض قاعدة تصاعدية العمليات فيمكننا أن نبدأ بعمليات صغيرة على اكبر رقعة من الأرض في أماكن متباعدة ثم بعد فترة نقوم بعمليات أكبر من حيث النوع ونقوم بعد ذلك بتصغير المسافات بين الأماكن المتباعدة ، والتصاعدية قد تكون لمرحلة معينة ثم تتغير لمعدل ثابت أو صورة أمواج تبعاً للتطورات .

أما أن تكون العمليات في صورة أمواج فذلك يناسب المجموعات التي قواعدها العسكرية ومواقعها الدفاعية حصينة إلا أنها بعيدة عن موقع العمليات ، وكذلك المجموعات التي تريد أن توصل رسالة للعدو أن أمواج الرعب و دفع ثمن أفعاله لن تنتهي و ليس معنى توقف العمليات فترة هي استقراره ليفعل ما يريد بالشعوب المسلمة وإنما كل ما في الامر اننا نعد لموجة اخرى من العمليات التي ستملأ قلوبهم رعباً، وأن هذا الرعب ليس له نهاية ، وأجدر به أن يكف شره عن المسلمين أو يقلله حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً .

إذا كانت مجموعة منفذة من عشرة أفراد تواجه عملية سهلة جداً- وليس استشهادية بالطبع- ولا تحتاج هذه العملية إلا لفرد أو اثنين بل إنها أحياناً ترسل مجاهداً واحداً أو اثنين لعملية أكبر ولكن إذا أرسلت كامل عددها الى هذه العملية المضمونة - بإذن الله - بغرض الاستعراض وإرهاب العدو عندما يتحدث الناس والصحف عما حدث، ويظن الناس والعدو أن العمليات القادمة سيتم لها حشد وتفوق عددي مناسب مما يعلي من أسهم المجاهدين إعلامياً و يرجف القلوب من مواجهتهم .

تنويع وتوسيع ضربات النكاية في العدو الصليي والصهيوني في كل بقاع العالم الإسلامي بل وخارجه إن أمكن بحيث يحدث تشتيت لجهود حلف العدو ومن ثم استنزافه بأكبر قدر ممكن. فمثلاً: إذا ضرب منتجع سياحي يرتاده الصليبيون في اندونيسيا سيتم تأمين جميع المنتجعات السياحية في جميع دول العالم بما يشمل ذلك من شغل قوات إضافية أضعاف الوضع العادي وزيادة كبيرة في الإنفاق، وإذا ضرب بنك ربوي للصليبيين في تركيا سيتم تأمين جميع البنوك التابعة للصليبيين في جميع البلاد ويزداد الاستتراف، وإذا ضربت مصلحة بترولية بالقرب من ميناء عدن ستوجه الحراسات المكثفة إلى كل شركات البترول وناقلاتها وخطوط أنابيبها لحمايتها وزيادة استنزاف ، وإذا تم تصفية اثنين من الكتاب المرتدين في عملية متزامنة ببلدين مختلفين فسيستوجب ذلك عليهم تأمين آلاف الكتاب في مختلف بلدان العالم الإسلامي ... وهكذا تنويع وتوسيع لدائرة الأهداف وضربات النكاية التي تتم من مجموعات صغيرة ومنفصلة، مع تكرار نوع الهدف مرتين أو ثلاثاً ليتأكد لهم ان ذلك النوع سيظل مستهدفاً. وبالتالي استنزاف العدو في أهداف صغيرة والتحضير لعمليات ضد أهداف كبيرة. 

اترك تعليقا