دول الخليج جنّة العمّال أم نارهم؟

الحقيقة:

يتوافد العمال الأجانب إلى الإمارات العربية المتّحدة من كافّة أنحاء العالم على أمل ايجاد فرص عمل أوسع ورواتب أعلى. والواقع أنّهم يحصلون على مبتغاهم في معظم الأحيان، خصوصاً من كان يعمل في مجال الهندسة أو الاستشارة المالية. لكن الصورة ليست بالسلاسة عينها لدى العمّال ذوي الدخل الأدنى، لأنّ هؤلاء هم المتضرّر الأساسي من صرامة قوانين العمل البالية، وفي مقدّمتها، منع النقابات والإضرابات العمّالية. حتّى أنّ قانون العقوبات الإماراتي يفرض عقوبة على العمّال الذين يمتنعون عن القدوم إلى العمل، وإن كان عددهم لا يتجاوز الثلاثة. على الأرض، يتمثّل ذلك في شروط عمل مجحفة وتوجّه لدى العمّال إلى تطوير نزعات انتحارية.

غالباً ما تشكّل مظاهر الترف و الرغد في الإمارات العربية المتّحدة عامل جذب وإغواء للعمّال القادمين من دول أقلّ دخلاً كدول أفريقيا وجنوب شرق آسيا. شأنهم شأن القادمين من لبنان، يصل هؤلاء إلى الإمارات مثقلين بالديون نتيجة المبالغ الخيالية التي تتقاضاها وكالات التوظيف كبدلات عن تأشيرات الدخول ونفقات السفر. ويبدو وفاء هذه الديون ممكناً خلال الأشهر الأولى من العمل إذا ما كان العامل موهوماّ بالراتب الموعود. لكن عاجلاً أم آجلاً، يتّضح للكثيرين بأنّ وظائفهم تكسبهم أقلّ بكثير ممّا تمّ الترويج له، وهكذا يصبح هؤلاء عالقين بين وفاء ديونهم، وتحويل الأموال لعائلاتهم.

أمّا جوازات السفر، فلا تزال تتمّ مصادرتها على الرغم من تحظير الحكومة ذلك. وعليه، يصبح العديد من العمّال عاجزاً عن مغادرة البلاد ومجبرًا على البقاء ومزاولة العمل خصوصاً من لا يمكنه شراء التذاكر لزيارة الوطن، والنتيجة، تكون حكماً ساعات عملٍ طويلة للغاية وشروط عملٍ مروّعة كتعرّض عمّال البناء لحرارة الصحراء الحارقة على سبيل المثال أو تعرّض الخدم وعمّال المنازل للاستغلال والإساءة. وإلى جانب الضغط في محيط العمل، يفرض على هؤلاء العمّال العيش في مخيّمات مكتظّة في الصحراء وبعيداً عن أنوار المدن وأضوائها الساطعة.

إزاء محدودية الخيارات المتاحة، ظهرت نزعة إلى الانتحار لدى عمّال جنوبي شرقي آسيا في الخليج، وقد أفادت القنصليّة الهندية في دبي إلى أنّ متوسّط عدد الهنود الذين ينتحرون أسبوعياً هو 2، وقد كان انتحار الهندي الذي رمى بنفسه عن الطابق 147 في برج خليفة في أيار عام 2011 خير نموذج على البؤس الذي يعانيه هؤلاء. فهل صحيح أنّ دول الخليج تؤمن ظروف عمل أفضل من سواها؟ وفي هذا الإطار، هل هي حقاّ مختلفة عن غيرها من الدول النامية؟

اترك تعليقا