في الجامعة الأميركيّة: السّنة الأخيرة
إنّه أحسن معهد لهذه الدراسات في الولايات المتّحدة. وتابع دودج كلامه: وعندي منحة ماليّة تبرّع بها أحد المحسنين قيمتها 1200 دولار في السّنة، وهذا المبلغ يكفي لدفع رسوم التعليم وتكاليف العيش. فما رأيك؟ قلت فوراً: إنّ الأمر لا يحتاج إلى تفكير. أقبل بكلّ سرور، هذه أمنية عزيزة. وشكرته وخرجت فرحاً.

صعدت في آخر الأسبوع، وكانت قد انتهت الامتحانات النهائية، إلى رأس المتن، لأزفّ الخبر المفرح. ولكنّه لم يكن لدى الوالد والوالدة خبراً مفرحاً. قالت الأمّ: «تقبرني، بعد ما خلّصت علمك؟ ترى بضلّ طيّبة حتى شوفك مرّة ثانية؟» وقال الأب: «شو بدّك بالسّفر. خلّيك هون وعلّم، وساعدنا شوي».

وعدت إلى بيروت لأتدبّر أمر السّفر ونفقاته. كان في بيروت جمعية تربوية، أظّن أنّ اسمها كان «تهذيب الشّبيبة»، قوامها معظم أساتذة الجامعة، ورئيسها صديقي شحادة شحادة، وبعض المحسنين. كانوا يجمعون المال لتعليم الفقراء من الطّلبة الذّين كان يتوسّم فيهم الخير للمجتمع. وفي تلك السّنة، كانوا قد قرّروا حلّ الجمعيّة. وبقي في الصندوق قرابة مئة ليرة عثمانية ذهبية. أوعز إليّ الأستاذ المقدسيّ أن أتقدّم بطلب منحة. وراجعت رئيسها، صديقي شحادة الذي قال: لا مانع عندي، إنّما سأسأل بقيّة أعضاء اللجنة. وكان منهم جرجس المقدسيّ، وبولس خولي، وداود قربان، وجميعهم كانوا في يومٍ من الأيّام أساتذتي. حصلت على المئة ليرة ذهبية. وقبل ذلك وقّعت سنداً بأني أردّ المال يوماً ما إذا عادت الجمعيّة إلى سابق نشاطها. لم تعد إلى سابق نشاطها، بل حلّت نهائياً. «يا له من حظّ يشقّ الصّخر»، كما يقولون في الجبل.

واستحصلت على إذنٍ بالسفر قبل حفلة الشّهادة. ومن جملة الأسباب التخلّص من دفع ليرة ذهبيّة ثمن الشّهادة. ورحت أسعى للحصول على جواز سفر.

اترك تعليقا