في الجامعة الأميركيّة: السّنة الأخيرة
ولكنّ هذا لا يكفي لدفع الرّسوم في تشرين القادم. فما العمل؟ وتذكّرت أنّ لي أختاً تعيش في جوهنسبرغ في جنوبي أفريقيا، وزوجها من آل مخيبر من بيت مري. وهذا الصّهر الذي لم أكن أعرفه على شيء من الثّراء. فخطر في بالي أن أستدين منه بعض المال على أن أردّه إليه عندما أبدأ بالعمل بعد التخرّج وهكذا كان. واستجاب الصّهر لطلبي. وبعد شهرٍ من الزمن، وصلتني حوالة ماليّة بقيمة أربعين ليرة استرلينية.
وبدأت السّنة الرابعة. وأتممت التسجيل ورحت أفتّش عن رفيق يساكنني الغرفة، توفيراً للإيجار. وكذلك طلبت من العميد أن يعفيني من حضور صلاة الصّبح، إذ كنت قد جدّدت العقد مع الإرساليّة الأميركية، لأعلّم طبيباً أميركياّ وزوجته (مُرسَلين) ومعلّمة أميركية جديدة كانت ستدرّس في مدرسة البنات، وأصبحت فيما بعد مديرة للمدرسة.
واخترت من الدّروس درساّ في المتنبّي، ودرساً في الفلسفة، وروايات شكسبير، ودرساً في الفرق الإسلاميّة، وآخر في علم التربية. وسألت عن علم الفلك الذي سحرني فقالوا لي: الدّرس الثاني يحتاج إلى علم المثلثّات، وفيه علوم رياضيّة متقدّمة. فأجفلت.
وأوشكت السّنة الدراسية أن تنتهي، وأنا لا أدري ما يخبئه لي المستقبل. أبي يقول: علّم، التعليم مهنة هيّنة، وتؤمّن للمرء عيشاً محترماً. وربّما ساعدتني قليلاً، لأنّي مقبلٌ على التّقاعد.
في يومٍ من الأيام، وكان ذلك قبيل حفلة التّخريج، وردتني وُريقة من الرئيس دودج يقول فيها: أريد أن أحدّثك في أمرٍ ربّما كان لك فيه بعض الخير.
اترك تعليقا