سبعة بابوات جاءوا من سوريا والبلاد المقدّسة
البابا القديس إيفاريستوس: بيت لحم (99-108 ميلادياً)
البابا إيفاريستوس المعروف أيضاً باسم آريستوس هو خامس من ترأس الكنيسة الكاثوليكية. ولد هذا البابا في بيت لحم وهو ينتمي إلى عائلة يهودية من أصول يونانية. تولّى السّدة البطرسية خلال عهد الامبراطور الروماني دوميتيان ويقال إنّه قسّم روما إلى مجموعة رعايا وعيّن عل كلّ منها كاهناً وسبعة شمامسة.
لا يعرف الكثير عن هذا البابا، لكن يشاع أنّه كان يلقّب بـ "شهيد الايمان" علماً أن لا دلائل تؤكد صحة هذا الادعاء. من المحتمل أن يكون قد دُفن في الفاتيكان قرب قبر القديس بطرس. حدّد نهار 26 تشرين الأول تذكاراً لهذا القديس.
البابا القديس أنيشيتوس: حمص (150-167 ميلادياً)
وُلد البابا أنيشيتوس في مدينة حمص في سوريا. اسمه مشتقٌّ من اليونانية وهو يعني «الذي لا يقهر». تخلّل حبريّته جدلاً حول يوم عيد الفصح، فقد قصده القديس بوليكاربوس لمناقشته حول تاريخ عيد الفصح والذي كان يحتفل به بوليكاربوس في الرابع عشر من شهر نيسان القمري. إلا أن الكنيسة الكاثوليكية كانت قد اعتادت الاحتفال بهذا العيد في يوم الأحد، أي بعد يومين من وفاة يسوع نهار الجمعة. وبالرغم من أنّ الاثنين لم يفلحا في التوافق حول تاريخ واحد، سمح البابا أنيشيتوس لكنيسة سميرنا بالاستمرار بالاحتفال في هذا العيد وفق التقليد الذي تراه مناسباً. هكذا، أبقى على العيد نهار الأحد، لكنّه لم يلزم الكنائس الأخرى باتباع هذا التقليد.
قاوم البابا أنيشيتوس الهرطقة، ويفيد كتاب الأحبار Liber Pontificalis، الذي يتناول سيَر الباباوات أنّه منع الكهنة من أن يكون لهم شعراً طويلاً، نظراً لارتباط الشعر الطويل بالغنوصيين الذين كان يعارضعم بشدّة.
يستذكر البابا أنيشيتوس في 17 نيسان وهو التاريخ الذي توفي فيه.
البابا يوحنا الخامس: أنطاكية (685-686 ميلادياً)
ولد البابا يوحنا الخامس في مدينة أنطاكية التابعة لتركيا اليوم، وهو الأول من مجموعة عشرة باباوات بيزنطيين تتالوا إلى رئاسة الكنيسة الكاثوليكية خلال ما عُرف بزمان الحبرية البيزنطية. لم يدم البابا يوحنا الخامس سوى سنةٍ ونيّف في السّدة البابوية، كان في معظمها مريضاً وطريح الفراش.
اشتهر البابا في زمان حبريتّه بتحسينه للعلاقات مع بيزنطية وتخفيف الضرائب المفروضة على الكنيسة إذ كانت تربطه علاقةً طيّبة بالامبراطور قسطنطين دفعت بهذا الأخير إلى تخفيض الضرائب المفروضة على الأوقاف الكنسية في صقلية وكالابريا وإلغاء ضرائب أخرى. كما أنّه تميّز بسخائه ومحبّته واهتمامه بالفقراء ورجال الدين وتقديمه الهبات لهم.
البابا سرجيوس الأول: 687- 701 ميلادياً
خلف القديس سرجيوس الأول البابا يوحنا الخامس إلى الكرسي البابوية وهو أيضاً من مواليد أنطاكية. اشتهر هذا البابا برفضه الاعتراف بقرارات مجمع ترولو والتي أتاحت أن يبقى الكهنة متزوجين حتى بعد تنصيبهم ووضعت بطريرك القسطنطينية في مكانةٍ مساويةٍ لمكانة الحبر الأعظم. إن خلاف البابا مع الامبراطور جوستنيان دفع بهذا الأخير إلى إرسال أحد معاونيه إلى روما للقبض على البابا واقتياده إلى القسطنطينية لمحاكمته. لكنّ حاكم رافينا أرسل جنوده لمساعدة البابا وتمكّن من حمايته والحفاظ على سلامته.
كان للبابا سرجيوس الأول علاقة جيدة مع الانكليز وقد قام بتعميد الملك الساكسوني وحرص على ألا يخسر القديس ويلفرد مقعده الأسقفي، كما أنّه قام بتنصيب القديس ويليبرود وأرسله لتبشير القبائل الفريزية الجرمانية.
البابا سيسينيوس: 708 ميلادياً
ما من معلومات وافرة حول هذه البابا المولود في سوريا فقد تسلّم السدّة الرسولية لمدّة قصيرة دامت ثلاثة أسابيع فقط لم يتمكن خلالها من تسجيل إنجازات كنسية كثيرة باستثناء تنصيبه مطران كورسيكا.
على الرغم من مرضه الذي جعله عاجزاً حتى عن تناول الطعام بنفسه، اشتهر هذا البابا بشخصيته القوية وقد أمر قبل وفاته بترميم جدران المدينة. كانت الهبات الي قدّمها للكنيسة خجولة نسبةً لما قدّمه غيره من الباباوات، وهذه مؤشّر على الخلفية المتواضعة التي أتى منها.
البابا قسطنطين الأول: 708-715 ميلادياً
كان البابا قسطنطين الأول آخر الباباوات البيزنطيين، لكن أول من حمل اسمًا شرقياً، ويقال أنّه كان الأقرب إلى القسطنطينية من أي بابا روماني آخر.
وقد أسفرت العلاقات الودية بين البابا قسطنطين الأول والامبراطور جوستنيان الثاني إلى اتفاق بين الكنيسة والامبراطورية البيزنطية حول قرارات مجمع ترولو التي كان قد رفضها الباباوات السابقون. تناول الامبراطور جوستينيان القربان المقدّس على يد البابا قسطنطين وقام يتجديد امتيازات الكنيسة الكاثوليكية. أمّا بالنسبة لمجمع تولو، فقد أشيع أنّ البابا اعترف فقط بالبنود التي لا تناقض الايمان الحقيقي، وكان ذلك كافياً لنيل رضا الامبراطور.
لدى عودة البابا من القسطنطينية إلى روما، كانت قد تمّت الإطاحة بالامبراطور جوستينيان على يد فيليبيكوس الذي كان مؤمناً بالمونوثيلية وهي عقيدة ترى أن للمسيح طبيعتان منفصلتان ومشيئة واحدة، فرفض البابا التعاون مع الامبراطور الجديد وانكفأ عن ذكر اسمه خلال القداس كما جرت العادة مع أسلافه. عاد اسم الامبراطور ليذكر في القداس بعد الإطاحة بفيليبيكوس.
البابا القديس غريغوري الثالث: صور (731-741 ميلادياً)
هو آخر الباباوات السوريين وآخر من سعى لنيل موافقة السلطة البيزنطية قبل تولي السدّة البطرسية. فور وصوله، سعى هذا البابا المولود في صور إلى حمل الامبراطور ليو الثالث إلى التصدي لتحطيم الأيقونات الدينية التي كانت موضع جدلٍ في الامبراطورية، فما كان من الامبراطور إلا أن نقل السلطة الكنسية إلى بطريرك القسطنطينية وحاول الاستيلاء على ما أمكنه من الأوقاف الكنسية في ايطاليا. لكنّ البابا استمرّ في رفض إتلاف الأيقونات والصور الدينية.
بالرغم من خلافه مع الامبراطور، لم يتوانَ البابا غريغوري الثالث عن التنسيق مع الامبراطورية الشرقية لاسترجاع رافينا بعد أن استولى عليها اللومبارديون وهم قبيلة جرمانية حكمت ايطاليا. استمرّ البابا في تحصين جدران روما في مواجهة خطر اللومبارديين وحاول إقناع الإفرنج بمساعدته لكنهم رفضوا الدخول في النزاع. لم يتمكّن البابا غريغوريس من ردع اللومبارديين وتوفي في العام 741.
اترك تعليقا