شهر نيسان - حكومة الرئيس أمين الحافظ وجلسة الثقة التي لم تعقد
الأوضاع العامة
بدءاً من العام 1967 وتزايد الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان لاسيما بعد توقيع اتفاقية القاهرة بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية في نهاية العام 1969 التي أعطت المنظمات الفلسطينية حرية العمل المسلح في منطقة العرقوب، ومن ثم أحداث الأردن في العام 1970 والتي أدت إلى قدوم آلاف المسلحين من الأردن إلى لبنان، أخذت الخلافات تتصاعد بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية حول مواضيع سياسية كبيرة لاسيما حول هذا الوجود الفلسطيني المسلح.
وفي 10 نيسان 1973 قامت فرقة من الموساد الإسرائيلي قوامها 30 عنصراً بإنزال بحري عند الشاطئ اللبناني في محلة الدورة واتجهت بالسيارات نحو منطقة فردان حيث نفذت عملية اغتيال 3 من قادة منظمة التحرير الفلسطينية وهم أبو يوسف النجار وزوجته وكمال ناصر وكمال عدوان. كما أوقعت العملية 9 قتلى من الفلسطينيين بالإضافة إلى قتيلين و9 جرحى من الشرطة اللبنانية، ولم يتبلغ قائد الجيش اللبناني حينها العماد اسكندر غانم بحقيقة ما حصل إلا في الساعة الواحدة و50 دقيقة فجراً، بعدما أنجز الكومندوس عمليته وأصبح في البحر في طريقه إلى المغادرة باتجاه إسرائيل.
إذ ساد اعتقاد لدى الأجهزة الأمنية في بداية العملية التي استغرقت 40 دقيقة فقط، أن ما يحصل هو اشتباكات بين منظمات فلسطينية متناحرة.
هذه الحادثة دفعت بعدد من السياسيين المسلمين إلى تحميل الجيش اللبناني (الذي يحظى بدعم مسيحي مطلق) مسؤولية الفشل، وطالب رئيس الحكومة صائب سلام رئيس الجمهورية سليمان فرنجية بإقالة قائد الجيش وإلا فانه سيقدم على الاستقالة لأنه لا يستطيع تحمل ضغط الشارع الإسلامي.
رفض الرئيس فرنجية إقالة قائد الجيش رافضاً إلقاء تبعة المسؤولية على الجيش، وكذلك رافضاً جعل قائد الجيش كبش محرقة. فأقدم سلام على تقديم استقالة حكومته في 10 نيسان 1973.
تكليف الحافظ
إزاء تمسك فرنجية بموقفه الداعم للجيش اللبناني وقائده حصل شبه توافق ضمن أعضاء نادي رؤساء الحكومة (أي الرؤساء السابقين للحكومة أو الشخصيات السنية القوية شعبياً والمرشحة لتولي الحكومة ومن ابرز أعضاء هذا النادي صائب سلام، رشيد كرامي، عبد الله اليافي) على رفض التعاون مع رئيس الجمهورية في قبول تشكيل حكومة قبل اتخاذ الرئيس فرنجية إجراءات ترضي الشارع الإسلامي الغاضب إزاء فشل الجيش في حماية الفلسطينيين.
فعمل الرئيس فرنجية إزاء هذا الموقف الإسلامي إلى حثّ النواب المؤيدين له أن تكون مواقفهم في الاستشارات النيابية (غير الملزمة حينها وهي أصبحت ملزمة بعد الطائف) بترك الخيار له في تسمية رئيس الحكومة حيث كان يميل إلى أحد خيارين: أمين الحافظ (أحد نواب طرابلس أو سليمان العلي (أحد نواب عكار) لكن الخيار النهائي وقع على الحافظ كونه من طرابلس وكان في انتخابات العام 1972 في لائحة واحدة مع الرئيس رشيد كرامي.
بعد التشكيل
قبل أمين الحافظ تشكيل الحكومة التي صدرت مراسيمها في 25 نيسان 1973، ما أدى إلى موجة احتجاجات إسلامية سنية إذ أن الرئيس الحافظ لا يتمتع بقاعدة شعبية كبيرة، كما أن الوزيرين السنيين بهيج طباره وذكريا النصولي ليسا من القواعد القوية السنية، وجرت محاولات لدى مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد لإقناع الرئيس الحافظ بالاستقالة لكنها باءت بالفشل إذ تمسك الحافظ بموقفه.
استمرت الضغوط واشتددت فأعلن الرئيس الحافظ في 8 أيار استقالته وأقنعه الرئيس فرنجية بالعدول عنها فقبل. وبدأ السعي لتحديد موعد لجلسة الثقة وتوفير أكثرية لمنح الثقة للحكومة .
جلسة الثقة
تم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب (كون الدورة العادية تنتهي في 31 أيار من كل عام) وحدد يوم الثلاثاء في 12 حزيران موعداً لجلسة الثقة. وجرت محاولات من المعارضين للحكومة لتعطيل النصاب القانوني (51 نائباً) لكن جهود رئيس الجمهورية نجحت في تأمين حضور 63 نائباً وقاطع الجلسة 32 نائباً وغاب 4 نواب بداعي السفر وكان اللافت غياب الوزيرين السنيين بهيج طبارة وذكريا النصولي ومقاطعة 16 نائباً سنياً من أصل 20 نائباً سنياً، وهذا الحضور السني الباهت دفع بالرئيس أمين الحافظ الى طلب تأجيل الجلسة قائلاً:” كنا قد حضرنا اليوم لمناقشة البيان الوزاري الذي أعدته الحكومة لإلقائه أمام مجلس النواب الكريم ونيل الثقة على أساسه، لقد فوجئنا هذا الصباح بغياب زميلين كريمين من أعضاء الحكومة، مما حملني على أن أتوجه إلى الرئاسة الكريمة، حرصاً مني على مبدأ المشاركة التي أتمسك بها تمسكاً شديدا ًبأن ترفع الرئاسة الجلسة وان تؤجلها لكي يتسنى لنا أن نعالج الموضوع. وتم رفع الجلسة عند الساعة 12 أي بعد ساعة وربع على بدئها.
في ظل هذا الوضع نجحت الضغوط الإسلامية في دفع الوزيرين بهيج طباره وزكريا النصولي إلى الاستقالة التي أقدما عليها في اليوم التالي أي في 13 حزيران. إزاء هذا الواقع تقدم الرئيس الحافظ في يوم 14 حزيران باستقالته إلى الرئيس فرنجية، وفي 16 منه قبل فرنجية الاستقالة طالباً منه الاستمرار في تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة وهي الحكومة التي أبصرت النور في 8 تموز 1973 وكانت برئاسة تقي الدين الصلح.
وهكذا ولدت وماتت حكومة الرئيس أمين الحافظ من دون أن تمثل أمام مجلس النواب لنيل الثقة التي كانت متوفرة لكن ”الحرم الطائفي” هو ربما ما منع الرئيس الحافظ دون الاستمرار في الحكومة.
التشكيلة الحكومية
تشكلت الحكومة من 17 وزيراً توزعوا على الطوائف اللبنانية (4 سنة، 3 شيعة، 1 درزي، 4 موارنة، 2 روم أرثوذكس، 2 روم كاثوليك، أرمن أرثوذكس)
-
أمين الحافظ (سني) رئيس مجلس الوزراء وزيراً للإعلام ووزيراً للصحة العامة بالوكالة.
-
فؤاد غصن (روم أرثوذكس) نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع الوطني
-
بشير الاعور(سني) وزيراً للداخلية
-
كاظم الخليل(شيعي) وزيراً للعدل
-
جوزيف سكاف وزيراً للموارد المائية والكهربائية (روم كاثوليك)
-
خاتشيك بابكيان (أرمن أرثوذكس) وزيراً للتصميم العام
-
نجيب علم الدين (درزي) وزيراً للاشغال العامة و النقل
-
خليل أبو حمد (روم كاثوليك) وزيراً للخارجية و المغتربين
-
فؤاد نفاع (ماروني) وزيراً للمالية
-
ميشال ساسين (روم أرثوذكس) وزيراً للاسكان والتعاونيات
-
ادمون زرق (ماروني) وزيراً للتربية الوطنية و الفنون الجميلة
-
طوني فرنجية (ماروني) وزيراً للبريد والبرق والهاتف
-
إميل روحانا صقر (ماروني) وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية
-
فهمي شاهين (شيعي) وزيراً للزراعة
-
علي الخليل (شيعي) وزيراً للسياحة
-
بهيج طباره (سني) وزيراً للاقتصاد و التجارة
-
زكريا النصولي (سني) وزيراً للصناعة والنفط
اترك تعليقا