حنّا سعادة - علاج الكوليسترول
ونظراً إلى أنّ أيّاً من أدوية تخفيض الكوليسترول الأخرى التي تضاف إلى الستاتينات لم تثبت قدرتها على تحسين نتائج القلب والأوعية الدموية، لم تعد الإرشادات المقترحة تحبّذ استخدام هذه الأدوية كجزء مساندٍ للعلاج.
إن الرسالة الأساسية المستمدة من الإرشادات الجديدة تفيد بأن تخفيض معدّلات الكوليسترول لا يؤدي حكماً إلى تحسين أداء القلب والأوعية الدموية كأن يساعد مثلاً على الحدّ من السكتات الدماغية والنوبات القلبية. فالأسباب التي تجعل الستاتينات فعّالة في تحسين نشاط القلب والأوعية الدموية هي أكثر ارتباطاً بقدرتها على تحسين الصحة الداخلية للشرايين، ولا علاقة لها بتخفيض معدّلات الكوليسترول.
لذلك، فإن الإرشادات الجديدة تركّز على شدّة العلاج بالستاتينات بدلاً من معدّلات الكوليسترول ما بعد العلاج. فإما أن يكون العلاج عالي الحدّة فتستخدم جرعات قصوى من الستاتينات أو أن يكون متوسّط الحدّة فتستخدم الجرعات باعتدالٍ أو أن يكون العلاج باستخدام جرعات منخفضة الحدّة، وهو خيارٌ لم يعد يلقى الترحيب.
يمكن قياس المخاطر التي تتربّص القلب والأوعية الدموية من خلال حاسبة طبية يمكن الولوج إليها من خلال شبكة الانترنت على الموقع التالي http://my.americanheart.org/cvriskcalculator. بغية تحديد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية والجلطات خلال السنوات العشر المقبلة، تعتمد الحاسبة هذه على 9 عوامل أساسية هي العمر، الجنس، العرق، الكوليسترول الكلي، الكوليسترول المرتفع الكثافة، ضغط الدم الانقباضي، العقاقير المستخدمة في حالات ضغط الدم المرتفع، السكري والتدخين. في حال بلغ معدّل الخطر7.5% أو ما فوق، توصي الإرشادات الحديثة بضرورة العلاج بالستاتينات، وإن كانت معدّلات الكوليسترول غير مرتفعة.
بناءً على هذه الإرشادات، بات ينبغي على الأطباء فحص كل من يبلغ عمره 21 عاماً وما فوق عن طريق قياس معدلات الكوليسترول منخفض الكثافة لديهم، والاستعلام عن عوامل الخطر المرتبطة بالأمراض القلبية والوريدية ثمّ قياس احتمال إصابتهم بهذه الأمراض خلال السنوات العشر القادمة، عبر استخدامهم للصيغة المشار إليها أعلاه. في حال أُنجِز ذلك كما ينبغي، تكون المحصّلة ظهور خمس مجموعات:
مجموعة لا تواجه أيّة مخاطر قلبية ووريدية- كضغط الدم المرتفع، السكري، التدخين، البدانة- و يكون معدّل الخطر لديها للسنوات العشر المقبلة دون 7.5% وهي لا تحتاج للعلاج بل للمراقبة فقط.
مجموعة تتبيّن إصابتها بالأمراض القلبية والوريدية السريرية- كالسكتات المتكاملة، السكتات العابرة، النوبات القلبية، الذبحات الصدرية، جراحة وصل الشرايين التاجية لاختزال التصلّب أو إضافة أنبوب شبكي يدعى”ستنت” بغية توسيع تضيقات الشرايين التاجية، أو الانسدادات في شرايين الساق التي قد تعيق المشي- وهي بحاجة إلى تلقّي جرعات مرتفعة من الستاتينات بصرف النظر عن معدّلات الكوليسترول، العمر أو معدّل الخطر. يكون العلاج بجرعاتٍ أدنى في حال كان المرضى تخطوا ال 75 من العمر ويعانون من مشاكل في الكبد أو الكلى أو من حساسية مفرطة على الستاتينات.
مجموعة تعاني من السكري، بين 40 و75 عاماً، ويبلغ معدّل الكوليسترول لديها بين 70 إلى 189 ميليغرام/ديسيلتر. في حال بلغ معدّل الخطر المحتسب لديها 7.5% أو أكثر، على هذه المجموعة تلقّي العلاج المكثّف بالستاتينات، أما إذا كان دون 7.5%، يمكن الاستعاضة بجرعات معتدلة من الستاتينات.
مجموعة لا تعاني من السكري، بين 40 و75 عاماً، ويبلغ معدّل الكوليسترول لديها بين 70 إلى 189 ميليغرام/ديسيلتر. في حال بلغ معدّل الخطر المحتسب لديها 7.5% أو أكثر، على هذه المجموعة تلقّي العلاج المعتدل بالستاتينات، أما إذا كان المعدّل دون 7.5% فهي لا تحتاج إلى العلاج.
مجموعة يتجاوز معدّل الكوليسترول لديها 190 ميليغرام/ديسيلتر وينبغي أن تعالج بجرعات مكثّفة من الستاتينات بصرف النظر عن أيّ عوامل أخرى.
تنطلق هذه الإرشادات من دراسات ضابطة بيّنت أنّ منافع الستاتينات تفوق بعض مخاطرها النادرة والمتمثّلة بالإجهاد العضلي أو إصابة الكبد أو ظهور السكري. ولكن نظراً إلى عدم توافر المعلومات الكافية، لم يتمّ اقتراح إرشادات لمن يتجاوز عمرهم 75 عاماً ما لم يكن لديهم أي أمراض متعلّقة بالقلب والأوعية الدموية.
باختصار، لا تشجّع هذه الإرشادات على استخدام أدوية تخفيض الكوليسترول غير الستاتينية لدى من لديهم حساسية مفرطة على الستاتينات كما أنّها لا تنصح بوصفها إلى جانب الستاتينات بغية زيادة تخفيض المعدّلات المرتفعة. إضافةً إلى ذلك، لم تعد هذه التوجيهات تدعو إلى إعادة تقييم معدّلات الكوليسترول عند بدءالعلاج، كونها لم تعد الهدف المرجوّ منه. أما القياس الشائع لمعدّلات التكلّس التاجي والبروتين الارتكاسي C، فلم يعد ينصح به كدلالة على وجود أمراض في القلب والأوعية الدمويّة. والواقع أنّ النتائج التي خلصت إليها هذه التوجيهات الجديدة ستسهم حتماً في زيادة عدد المرضى الذين سيتلقّون علاج الستاتينات.
أثار هذا التحوّل الجذري في استراتيجيات معالجة الكوليستيرول جدلاً واسعاً في الوسط الطبي ومن المتوقّع أن يدخل العديد من التعديلات على الإرشادات المقترحة حديثاً فور توافر معلومات جديدة. لكنّ هذا لا ينفي واقع أنّ العلم المرتكز على البيّنات والأدلّة قد أصدر قراره الذي سيؤثر حكماً في كيفية فهمنا لأمراض تصلّب الشرايين ووقايتنا منها ومعالجتنا لها.
اترك تعليقا