إزاحة الستار عن تجارة الأعضاء في سيناء
إن ضحايا هذه التجارة البربرية هم بمعظمهم لاجئون من مناطق جنوب شرقي أفريقيا يسعون إلى كسب رزقهم في مصر أو اسرائيل أو غيرهما من دول المشرق. ويزعم البعض أن المتاجرين هم القبائل البدوية المنتشرة في عرض الصحراء. تقدر الدولة المصرية عدد اللاجئين المقيمين في مصر بنحو 250000 إفريقي (ميلمان وبرادلي) وغالبية الذين يجتازون صحراء سيناء يأتون من السودان وارتريا واثيوبيا. تشير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد اللاجئين الذين يقطعون صحراء سيناء قد ارتفع من 5000 عام 2009 إلى 14000 لاجىء عام 2010.
وكما هي الحال في عدد من الدول النامية، تجبر النساء اللواتي يتم القبض عليهن في الصحراء على ممارسة البغاء. إلا أن أحداً لا ينجو من تجارة الأعضاء خصوصاً أن المتاجرين يستغلون الظروف المعيشية الصعبة للاجئين ووضعهم غير القانوني لاستخراج أعضائهم، خصوصاً الكلى، وبيعها للزبائن مقابل آلاف من الدولارات. وبعد كشف إحدى شبكات الإتجار بالأعضاء في إسرائيل عام 2010، تبين أن البعض قد يدفع 140000 دولار أميركي مقابل الكلى.
أصدر تحالف مكافحة تجارة الأعضاء The Coalition for Organ Failure Solutions تقريراً عنوانه “الضحايا السودانيون لتجارة الأعضاء في مصر”، قاموا من خلاله بإجراء مقابلات معمقة مع 57 ناجياً سودانياً. وبالرغم من أن التقرير طال السودانيين الناجين فحسب إلا أنه قدّر عدد الضحايا الذين فارقوا الحياة ببضعة آلاف. وبين التقرير أن التجار قد ساعدوا اللاجئين لدخول البلاد بالتعاون المباشر مع السماسرة وباعة الأعضاء. أما أولئك الذين يتلقون الأعضاء فينتمون إلى جنسيات مختلفة ويتوزعون في السودان والأردن وليبيا وعدد من دول الخليج واسرائيل التي تضم أعلى نسبة طلب للكلى لكل فرد في العالم (وير 15). هذا يعني أن معدل انتشار هذه الظاهرة قد توسع إلى بلدان متعددة لا ينبغي إعفاؤها من المسؤولية.
لم يتحمل أي من القبائل البدوية المتورطة مسؤولية هذه الظاهرة، وبالرغم من اعتراف رؤساء القبائل بوجود تجارة للأعضاء في سيناء إلا أنهم يرفضون تحميل المسؤولية بكاملها على قبيلة معينة بل يلقون باللوم على عدد من الأفراد المنحرفين أو الجانحين. تمكن برنامج CNN Freedom Project من التواصل مع بعض أفراد القبيلة ومن خلالهم مع مهرب أعضاء سابق، فأفاد هذا الأخير أن بعض أطباء القاهرة متورط في هذه العملية وأنهم يقصدون سيناء وفي حوزتهم برادات لتخزين الأعضاء ونقلها. تباع الأعضاء مقابل مبالغ تصل إلى 20000 دولار أميركي (بلايتغن وفاضل فهمي).
تنظم أحكام القانون المصري عملية الزرع القانوني للأعضاء، إلا انها تمنع عمليات التعويض مقابل الأعضاء الممنوحة أو استخراج الأعضاء من مرضى لا يعانون من الوفاة الدماغية. كما أنها تسمح للأجانب بالمشاركة في عمليات زرع الأعضاء بموجب القانون المصري ولكن مع أشخاص ينتمون للجنسية نفسها (ميلمان وبرادلي)، وهذا لا يشر فحسب إلى فظاعة هذه البدعة الجديدة بل إلى عدم الفعالية في تطبيق القانون.
إن آخر تطورات هذه المشكلة يعود إلى النقص في المعلومات المتوافرة لكن مستقبل تجارة الأعضاء سيكون إلى حدٍّ ما مرهوناً بالتطورات السياسية في البلاد. في غضون ذلك، يمكن تخفيف حدة المشكلة بشكل كبير من خلال تطبيق أكثر صرامة للقوانين ووجود أوسع للشرطة في سيناء، كما أن على الدول العربية التخوف هي الأخرى من هذه الظاهرة خصوصاً أن لاجئين من الأردن وسوريا والعراق يتم توريطهم في هذه العمليات ما يجعلها أكثر عرضةً للتوسع بشكل تصعب السيطرة عليه.
اترك تعليقا