المجلس العدلي: الهيكلية، المهام، والقضايا
المجلس العدلي: الهيكلية، المهام، والقضايا
مع وقوع حادثة قبر شمون يوم الأحد في 30 حزيران الماضي وسقوط ضحايا من مرافقي الوزير صالح الغريب ارتفعت بعض الأصوات المطالبة بإحالة ما حصل أمام المجلس العدلي لمحاكمة المتهمين في ظل رفض أخرين هذا الأمر وإصراراهم على حصر الأمر بالقضاء العسكري أو القضاء العادي.
وبانتظار إيجاد حل لهذه الأزمة والاتفاق على إحالتها الى المجلس أو عدمه وانعقاد مجلس الوزراء لبت الأمر. ما هو المجلس العدلي وما أهمية الإحالة اليه وما هي القضايا التي أحيلت اليه منذ العام 1923 وحتى اليوم في تموز 2019.
إنشاء المجلس العدلي
اكتسب المجلس العدلي أهميته وشهرته من القضايا التي تحال اليه والتي غالباً ما تكون قضايا تشغل الرأي العام، ويحتل المجلس العدلي مرتبة خاصة في النظام القضائي اللبناني تجعله في مرتبة المحاكم العليا.
يعود وجود المجلس العدلي إلى مطلع عهد الانتداب، إذ اصدر حاكم لبنان الكبير قراره رقم 1905 تاريخ 12 أيار 1923 بإنشاء محكمة استثنائية تحت اسم المجلس العدلي وذلك للنظر في جنايات القتل والاعتداءات الواقعة بعد 5 نيسان 1923 في الأراضي اللبنانية والتي قام بها البعض، وأعطي المجلس اختصاص النظر بجنايات القتل عمداً وبلا تعمد وبالقضايا الناشئة عن تلك الأعمال.
وتعدل قرار إنشاء المجلس عدة مرات منها:
- القرار رقم 2300 تاريخ 27-3-1924
- القانون الصادر في 16 – 5 – 1935 الخاص بتأليف المجلس العدلي المختلط من القضاة الفرنسيين واللبنانيين
- القانون 12-1-1944
- القانون الصادر في 4-5-1944 المختص بإنشاء المجلس العدلي والمعدل بالقانون 3-2-1948
- القانون الصادر في 18-9-1948 (قانون أصول المحاكمات الجزائية)
- المرسوم الاشتراعي رقم 7855/61 تاريخ 16-10-1961 (التنظيم القضائي)
- القانون رقم 10 تاريخ 20-9-1972
- القانون رقم 328 تاريخ 7-8-2001
1 – تنظيم المجلس العدلي
يتألف المجلس العدلي من ثلاث هيئات: هيئة الحكم (وهو المجلس العدلي بحد ذاته) – وهيئة الادعاء (وهي النيابة العامة لدى المجلس العدلي) – هيئة التحقيق
- هيئة الحكم: كانت هذه الهيئة ولا تزال مؤلفة من خمسة قضاة عدليين يختارون من بين كبار القضاة وهم: الرئيس الأول لمحكمة التمييز (أي مجلس القضاء الأعلى) رئيساً، وأربعة من قضاة محكمة التمييز بصفة أعضاء يعينون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى. كما يعين لهذا المجلس قاض إضافي أو اكثر ليحل محل الأصيل في حال وفاته أو تنحيته أو انتهاء خدمته
- هيئة الادعاء: منذ إنشاء المجلس وحتى اليوم يمثل النيابة العامة لدى المجلس العدلي المدعي العام لدى محكمة التمييز أو من ينوب عنه من معاونيه اذا تعذر حضوره
- هيئة التحقيق: يسند منصب قاضي التحقيق إلى قاض يعين بقرار من وزير العدل بناء على موافقة مجلس القضاء الأعلى.
وتحترم تركيبة المجلس تمثيل الطوائف وتوازنها، فرئيس المجلس هو ماروني ويتوزع الأعضاء بين سني وشيعي ودرزي وروم كاثوليك وروم أرثوذكس.
2- اختصاص المجلس العدلي
تحال الدعاوى على المجلس العدلي بناء على مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء
ينظر المجلس العدلي:
- في الجرائم المنصوص عليها في المواد 270 وما يليها حتى المادة 336 ضمناً من قانون العقوبات وتشمل هذه المواد:
الجرائم الواقعة على امن الدولة الخارجي (خيانة، تجسس، صلات غير مشروعة بالعدو، النيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي) والجرائم الواقعة على امن الدولة الداخلي (الجنايات الواقعة على الدستور، اغتصاب سلطة سياسية أو مدنية أو قيادة عسكرية، الإرهاب، الفتنة، الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية أو تعكر الصفاء بين عناصر الأمة، النيل من مكانة الدولة المالية) والجرائم الواقعة على السلامة العامة (حمل الأسلحة من دون إجازة، تأليف جمعيات الأشرار، التعدي على الحقوق والواجبات المدنية).
- الجرائم المنصوص عليها في القانون 11-1-1958 (إثارة الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي، والحض على النهب والتقتيل)
- جميع الجرائم الناتجة عن صفقات الأسلحة والأعتدة التي عقدتها أو تعقدها وزارة الدفاع الوطني والجرائم المرتبطة بها والمتفرعة عنها، لاسيما المنصوص عليها في المواد 351 وحتى 366 ضمناً من قانون العقوبات وفي المواد 376 و 377 و 378 منه وفي المواد 453 حتى 472 ضمناً منه وفي المادتين 138 و 141 من قانون القضاء العسكري
3- آلية عمل المجلس العدلي
لا يمكن للمجلس العدلي أن يضع يده تلقائياً بمجرد حدوث احدى الجرائم الداخلة ضمن اختصاصه اذا لم يصدر مرسوم بذلك عن مجلس الوزراء، وفي حال صدور هذا المرسوم، يحق للنيابة العامة لدى المجلس العدلي، وهي النيابة العامة التمييزية، أن تدعي بالجريمة لدى المحقق العدلي وتحيل إليه ملف التحقيقات. يتمتع المحقق العدلي بصلاحيات واسعة للتحقيق والظن وإصدار جميع المذكرات التي يقتضيها التحقيق بدون طلب النيابة العامة وقرارات المحقق العدلي بهذا الشأن لا تقبل المراجعة. بعد اكتمال التحقيقات تبدي النيابة العامة التمييزية المطالعة في الأساس. يقرر المحقق العدلي، بنتيجة تدقيقه في التحقيقات وأوراق الدعوى، أما منع المحاكمة عن المدعي عليه وإما اتهامه وإحالته على المجلس العدلي.
ينعقد المجلس العدلي في قصر العدل في بيروت أو في مكان وقوع الجريمة عند الاقتضاء أو في أي مكان أخر يحدده رئيسه في حال تعذر انعقاده في قصر العدل في بيروت. تجرى المحاكمة أمام المجلس العدلي وجاهية كانت أم غيابية وفقاً لأصول المحاكمة لدى محكمة الجنايات ويصدر المجلس حكمه وفقاً للأصول ذاتها. وأحكام المجلس العدلي مبرمة ولا تقبل أي طريق من طرق المراجعة العادية وغير العادية. وهذا ما يعطي هذه الأحكام قوة وأهمية ، فقوانين العفو التي صدرت استثنت منها الجرائم المحالة على المجلس العدلي.
4- القضايا أمام المجلس العدلي
منذ إنشاء المجلس العدلي في العام 1923 وحتى شهر تموز من العام 2019، أحيلت إلى المجلس العدلي – 250 جريمة وفقاً لما هو مبين في الجدول رقم 1
وقد تبين من خلال مراجعة الجرائم التي أحيلت إلى المجلس العدلي الملاحظات التالية:
- أحال مجلس الوزراء إلى المجلس العدلي أمور وقضايا ذات طابع سياسي (إحالة العماد عون ورفاقه بتهمة اغتصاب السلطة بموجب المرسوم رقم 656 تاريخ 19-10-1990) أو إحالة متظاهرين رفضوا قرارات وتدابير السلطة السياسية (المرسوم رقم 13721 تاريخ 25-11-1948 والمرسوم رقم 2517 تاريخ 25-8-1953)
- تمت إحالة معظم الجرائم إلى المجلس العدلي بعد يوم أو خلال فترة وجيزة من تاريخ حصولها في حين تأخرت الإحالة بعض سنوات (اغتيال الوزير السابق إلياس حبيقة إذ حصلت الجريمة في 24-1-2002 وتأخرت الإحالة نحو 3 سنوات إذ تمت في 22-1-2005)
- صدرت أحكام عن المجلس العدلي في بعض القضايا التي أحيلت إليه في حين لم تصدر أحكام في معظم القضايا وهذا ما يفقد الإحالة أهميتها، فمن القضايا التي صدرت أحكامها:
- اغتيال الرئيس رشيد كرامي في 1حزيران 1987 وصدر الحكم في 26 حزيران 1999.
- جريمة إغتيال داني شمعون وعائلته وصدر الحكم في 24 حزيران 1995 ووقعت الجريمة في 21 تشرين الأول 1990.
- صدر الحكم في إغتيال الرئيس بشير الجميل في 20 تشرين الأول 2017 وهي وقعت في 14 أيلول 1982 أي بعد 35 عاماً.
- صدر الحكم في جريمة مقتل زياد غندور وزياد قبلان في تشرين الثاني 2015 وهي وقعت في العام 2007.
- صدر الحكم في قضية جريمة زحلة في 16 تشرين الثاني 2018 وهي وقعت في 20 نيسان 2008.
- سيصدر الحكم في مقتل القضاة الأربعة في 4 /10 / 2019 وهي وقعت في حزيران 1999 أي بعد أكثر من 20 عاماً.
- بعض القضايا التي أحيلت إلى المجلس العدلي كانت جرائم قتل عادية ولم يكن من ضرورة أو موجب لإحالتها إلى المجلس العدلي وهذا ما افقد المجلس بعضاً من هيبته القضائية.
اترك تعليقا