الإسلام وفلسفة الحكم -الدكتور محمد عمارة
استهل الكاتب القسم الأول من كتابه للعودة إلى نشأة الأحزاب الإسلامية أو ما يعرف «بالميراث العربي في أصول الحكم». فقد عرفت شبه الجزيرة العربية نظاماً ملكيا قبل أن تحصل بيعة العقبة الأولى بين الرسول وبين الخزرجن، التي قامت على أثرها الدول العربية الإسلامية. من الأسباب الأساسية لهذه البيعة، إلى جانب العامل الديني كان السعي إلى تغيير الأوضاع السياسية، الاقتصادية والاجتماعية بعدما سيطر اليهود على يثرب وما حولها.
أولى القضايا التي اختلف عليها المسلمون واستعملوا سيوفهم فيها ولجأوا فيها إلى الاجتهاد، هي قضية الخلافة من بعد الرسول، حتى مع تنصيب أبي بكر الصديق خليفة على المسلمين، لم ينته الصراع بل امتد حتى يومنا هذا... أول ما حدث من اختلاف بين المسلمين بعد نبيهم كان في «الإمامة» إن كان الصراع على السلطة في عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي، والعوامل التي أسفرت عن نشوب هذا الصراع تنوعت بين قبلية، علماً أن الإسلام قد بدأ وعاش في واقع كان فيه للقبيلة الصوت الأعلى والمكان الأرفع ولم يكن المجتمع يعترف بالفرد من دون أن تكون له قبيلة ينتسب إليها، إضافة للعامل الاقتصادي الذي لعب دورا هاما في تحريك الصراعات على السلطة في ذلك التاريخ خاصة في عهد علي بن أبي طالب الذي أعلن إلغاء الإقطاعات التي نشأت في عهد عثمان آمراً بإرجاع الأموال التي أجاز بها هذا الأخير (عثمان) في عهده وهكذا كان المال عاملاً أساسياً ضد الخليفة الجديد. أما العامل القومي،فقد نشأ بعد أن نقل علي مقر حكمه من المدينة إلى الكوفة بالعراق فعَلَت من الشام أصوات تطالب بالحيلولة دون خضوعه لحكم الكوفة ودون خضوع أهله لأهل العراق.
في السؤال عمّا إذا كان الدين والسماء هما من يختاران الإمام ويعينانه، وإن كان هذا الأخير وكيل الله يحكم بالنيابة عنه وينطق بقانونه أم أن الإمامة من الفروع وليست من الأصول ولذلك هي ليست من أركان الدين وبالتالي الإمام يستند إلى جماعة المسلمين الذين يختارونه وينصبونه ويعزلونه؟، اختلفت فرق الإسلام حول الإجابة.
برأي الشيعة، الوصية والتعيين يأتيان من الله للإمام وبالتالي تكون قد سلبت الأمة حقها في تقرير مصير الحكم في مجتمعها، وهذا ما عُرف «بالحق الإلهي» و»الدولة الدينية»، كما فسرت الصراع على السلطة في المجتمع الإسلامي تفسيراً دينياً، فكفّرت الصحابة الذين قدّموا أبا بكر في الخلافة على علي بن أبي طالب.
أما «المعتزلة» وهي حركة من حركات المعارضة التي نشأت في المجتمع العربي على عهد الأمويين تؤمن أن دولة الخلافة الراشدة كانت نظاما سياسياً أسهم المسلمون بإرادتهم البشرية في بنائه ومن ثم فإن الطابع السياسي وليس الديني هو الذي يطبع بناءها. والمقصود بالاعتزال أي الخروج من حلبة الصراع والتفرّغ لشؤون النفس الخاصة دينية كانت أو دنيوية، والطبيعة المدنية والسياسية التي ينصب الإمام لإنجازها هي التي تحدد صفاته والشروط التي يجب أن تتوافر فيه، فهو حاكم أعلى في الدولة يضمن تنفيذ الشريعة والقانون وليس صاحب سلطان ديني نطلب فيه العصمة والاتصال بالسماء؛ أيّد أهل السنة فكر «المعتزلة»، علماً أن مبدأ «الشورى» أي مشاورة الآخرين، كان قائمًا في عهد الخلافات.
عالج الكتاب قضية محورية في تاريخنا الفكري وتراثنا السياسي، قضية كانت السبب في تقسيم أمة الإسلام إلى سنة وشيعة، وهو الانقسام الأول والأساسي والحقيقي في عالم الإسلام؛ الحديث عن الهوية الحضارية الإسلامية يتردد في الوقت الذي ترفع فيه شعارات «السلطة الدينية» بدعوى من السماء، فيسعى الإمام إلى تنصيب حكومة دينية يسيطر عليها الفقهاء وحرمان الأمة من حياتها السياسية، الاجتماعية والاقتصادية، فعن أي «حضارة» إسلامية نتكلّم!!!
أولى القضايا التي اختلف عليها المسلمون واستعملوا سيوفهم فيها ولجأوا فيها إلى الاجتهاد، هي قضية الخلافة من بعد الرسول، حتى مع تنصيب أبي بكر الصديق خليفة على المسلمين، لم ينته الصراع بل امتد حتى يومنا هذا... أول ما حدث من اختلاف بين المسلمين بعد نبيهم كان في «الإمامة» إن كان الصراع على السلطة في عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي، والعوامل التي أسفرت عن نشوب هذا الصراع تنوعت بين قبلية، علماً أن الإسلام قد بدأ وعاش في واقع كان فيه للقبيلة الصوت الأعلى والمكان الأرفع ولم يكن المجتمع يعترف بالفرد من دون أن تكون له قبيلة ينتسب إليها، إضافة للعامل الاقتصادي الذي لعب دورا هاما في تحريك الصراعات على السلطة في ذلك التاريخ خاصة في عهد علي بن أبي طالب الذي أعلن إلغاء الإقطاعات التي نشأت في عهد عثمان آمراً بإرجاع الأموال التي أجاز بها هذا الأخير (عثمان) في عهده وهكذا كان المال عاملاً أساسياً ضد الخليفة الجديد. أما العامل القومي،فقد نشأ بعد أن نقل علي مقر حكمه من المدينة إلى الكوفة بالعراق فعَلَت من الشام أصوات تطالب بالحيلولة دون خضوعه لحكم الكوفة ودون خضوع أهله لأهل العراق.
في السؤال عمّا إذا كان الدين والسماء هما من يختاران الإمام ويعينانه، وإن كان هذا الأخير وكيل الله يحكم بالنيابة عنه وينطق بقانونه أم أن الإمامة من الفروع وليست من الأصول ولذلك هي ليست من أركان الدين وبالتالي الإمام يستند إلى جماعة المسلمين الذين يختارونه وينصبونه ويعزلونه؟، اختلفت فرق الإسلام حول الإجابة.
برأي الشيعة، الوصية والتعيين يأتيان من الله للإمام وبالتالي تكون قد سلبت الأمة حقها في تقرير مصير الحكم في مجتمعها، وهذا ما عُرف «بالحق الإلهي» و»الدولة الدينية»، كما فسرت الصراع على السلطة في المجتمع الإسلامي تفسيراً دينياً، فكفّرت الصحابة الذين قدّموا أبا بكر في الخلافة على علي بن أبي طالب.
أما «المعتزلة» وهي حركة من حركات المعارضة التي نشأت في المجتمع العربي على عهد الأمويين تؤمن أن دولة الخلافة الراشدة كانت نظاما سياسياً أسهم المسلمون بإرادتهم البشرية في بنائه ومن ثم فإن الطابع السياسي وليس الديني هو الذي يطبع بناءها. والمقصود بالاعتزال أي الخروج من حلبة الصراع والتفرّغ لشؤون النفس الخاصة دينية كانت أو دنيوية، والطبيعة المدنية والسياسية التي ينصب الإمام لإنجازها هي التي تحدد صفاته والشروط التي يجب أن تتوافر فيه، فهو حاكم أعلى في الدولة يضمن تنفيذ الشريعة والقانون وليس صاحب سلطان ديني نطلب فيه العصمة والاتصال بالسماء؛ أيّد أهل السنة فكر «المعتزلة»، علماً أن مبدأ «الشورى» أي مشاورة الآخرين، كان قائمًا في عهد الخلافات.
عالج الكتاب قضية محورية في تاريخنا الفكري وتراثنا السياسي، قضية كانت السبب في تقسيم أمة الإسلام إلى سنة وشيعة، وهو الانقسام الأول والأساسي والحقيقي في عالم الإسلام؛ الحديث عن الهوية الحضارية الإسلامية يتردد في الوقت الذي ترفع فيه شعارات «السلطة الدينية» بدعوى من السماء، فيسعى الإمام إلى تنصيب حكومة دينية يسيطر عليها الفقهاء وحرمان الأمة من حياتها السياسية، الاجتماعية والاقتصادية، فعن أي «حضارة» إسلامية نتكلّم!!!
اترك تعليقا