الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية هل يجعل الأطفال أكثر ذكاءً؟
الحقيقة:
في الواقع، لم يتمّ التوصّل إلى أي دليل قاطع يؤكد تطوّرًا في المهارات المعرفية لدى الأولاد الذين استمعوا إلى الموسيقى الكلاسيكية في صغرهم. وقد تمّ تطبيق أولى الأبحاث التي تناولت أثر الموسيقى على الدماغ على مجموعة من طلّاب الجامعات. وتبيّن أنّ الطلاب الذين استمعوا إلى مقطع قصير من الموسيقى الكلاسيكية تمكنوا من أداء المهام المرتبطة بالهندسة الفضائية بشكلٍ أفضل، كتحديد الأشكال الناتجة عن قصّ قطعة من الورق مطويّة على ذاتها. كانت المجموعات المرجعيّة إما تستمع إلى موسيقى تأملية أو لا تستمع إلى أي شيءٍ إطلاقاً. لكنّ هذا الأثر لم يدم إلا نحو ربع ساعة ولم يستحثّ أية آثارا طويلة المدى. وعليه، فإن الموسيقى تساعد فقط على توفير بعض التحفيز لتنشيط الدماغ، ويمكن لأي عاملٍ محفّزٍ آخر، كالتمارين الرياضية مثلاً، أن يكون له نفس الأثر.
أما الدراسات التي أجريت لاحقًا، فقد كشفت أن تحسين قدرة المرء على التنبؤ بالأشكال الورقية لا يقتصر على الموسيقى الكلاسيكية، بل ينطبق على أي نوعٍ منها. حتى أن دراسة أجريت في العام 2006 أفادت بأن الأولاد الذين يستمعون إلى موسيقى البوب هم أقدر على تأدية هذه الحيل من أولئك الذين يستمعون إلى النوع الكلاسيكي، مع الإشارة إلى أنّ هذه التجربة تمّت على مشاركين في العاشرة أو الحادية عشرة من العمر وليس على الأطفال. لكن على أيّ حال، هي تبرهن أيضًا أنّ أي محفّز قادر على تفعيل قدرات دماغية مؤقتة وليس الموسيقى الكلاسيكية فحسب.
وعليه فإن البحث التي تمّ على أساسه استخلاص التكهنّات لم تكن له أي علاقة بالأطفال. صحيحٌ أنّه طوّر قدرة الطلاب على تنفيذ مهامٍ مرتبطة بطيّ الأوراق، لكنّ هذا لا يخوذلنا القيام بأي استنتاجات حول الآثار التي يمكن أن تترتّب على الذكاء بشكلٍ عام. يمكن للموسيقى أن تحسّن النمو الذهني للمرءفي حالةٍ واحدة فقط وهي حين يتعلّم عزفها، فقد بيّنت الدراسات أن الطلاب الذين تمرّسوا على عزف بعض الآلات الموسيقية أثبتوا نتائج أفضل في الامتحانات الأكاديمية الموحّدة.
يبدو أن الإصرار على هذا الاعتقاد المغلوط هو من مصلحة الشركات التي تنتج وتسوّق منتجات تتوجّه للأطفال كما أنّه وللأسف يستحوذ على جزءٍ من الوظائف الأخرى التي ينبغي على الأهل القيام بها لتعزيز نمو أطفالهم كالتفاعل معهم وإشراكهم في السياقات الإجتماعية.
اترك تعليقا