شهر أيار - 47 عاماً على إغتيال الصحافي كامل مروّة
كامل مروة
كامل مروّة من مواليد بلدة الزرارية في جنوب لبنان في العام 1915. درس في الجامعة الأميركية في بيروت، عمل في بداية عمله الصحافي في العام 1934 في جريدة “النداء” لصاحبها كاظم الصلح التي كانت تصدر عن حزب النداء القومي كمحرر وكاتب تحقيقات سياسية، انتقل في العام 1937 إلى العمل في صحيفة “النهار” حتى العام 1941 عندما قام أثناء الحرب العالمية الثانية برفقة مفتي القدس الشيخ أمين الحسيني بجولة في الدول الأوروبية لا سيما تركيا وبلغاريا وألمانيا وعاد في العام 1946 ليطلق جريدته “الحياة” من مكاتب “النهار” في سوق الطويلة، في العام 1952 أصدر أيضاً صحيفة “الدايلي ستار” باللغة الانكليزية وقد اشتهرت “الحياة” و“الدايلي ستار” بمعارضتهما لسياسات الرئيس المصري جمال عبد الناصر وخططه في السعودية واليمن ولبنان واتهم مروة بأنه موال لبريطانيا ومنخرط في الخطة الغربية لمواجهة جمال عبد الناصر.
ظروف الاغتيال
شهدت منطقة الشرق الأوسط في نهاية حقبة الخمسينات والستينات حالة من الاستقطاب الدولي في ظل الصراع بين الاتحاد السوفياتي من جهة والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا من جهة أخرى. وكان الرئيس المصري جمال عبد الناصر يحظى بدعم الاتحاد السوفياتي بينما كانت الدول العربية الأخرى لا سيما السعودية والعراق تحظى بدعم الولايات المتحدة الأميركية. وقد تمتع الرئيس المصري بتيار شعبي كبير في العديد من الدول العربية ومنها لبنان. وكان من الطبيعي أن يكون هذا التيار ملتزماً بتوجيهات الزعيم المصري والاستعداد للقيام بأي عمل يهدف لدعم التيار الناصري ومحاربة خصومه. هذه الظروف هيأت الأجواء لاغتيال وإسكات معارضي الرئيس عبد الناصر.
وتنقل روايات أن الرئيس عبد الناصر كان منزعجاً جداً من كتابات الصحافي كامل مروة التي تنتقد سياسته خصوصاً في ظل التأثير الكبير الذي كان له في الرأي العام العربي، وهذا الانزعاج الناصري انتقل إلى مؤيديه في لبنان الذين اعتبروا أن مروة عدو لهم. في وقت انقسمت فيه الصحافة اللبنانية والشعب اللبناني بين مؤيد ومعارض لعبد الناصر.
وقائع العملية
عند الساعة التاسعة الا خمس دقائق من مساء يوم الاثنين 16 أيار 1966 دخل عدنان سلطاني بمساعدة شخصين آخرين إلى مكاتب جريدة “الحياة” الكائنة في منطقة الخندق الغميق قرب ساحة رياض الصلح في وسط بيروت وأطلق رصاصتين من مسدس مزود بكاتم للصوت باتجاه كامل مروة إحداهما أصابت مروة في بطنه والثانية في رئته فسقط صريعاً.
أحيلت الجريمة على المجلس العدلي بموجب المرسوم رقم 4519 إذ اعتبرت أنها اعتداء على أمن الدولة الداخلي واستمرت المحاكمة حتى 15 آذار 1968، وشهدت مرافعات مميزة في السياسة والقانون قدمها كل من المحامي والنائب السابق محسن سليم عن عائلة مروة والمحامي والنائب السابق عبدالله الغطيمي عن المتهمين وتمّت تبرئة ابراهيم قليلات المرتبط بالنظام المصري من تهمة تحريض سلطاني على ارتكاب الجريمة وأفرج عنه بعد سجنه لمدة سنة ونصف السنة، بينما حكم على سلطاني بالإعدام ولكن الحكم خفف في العام 1969 إلى السجن لمدة 15 عاماً. وهو مكث في السجن حتى العام 1976 عندما فر منه أثناء الحرب وأصبح أحد قيادات تنظيم المرابطون بزعامة ابراهيم قليلات، كما حكم بالإعدام على محمد أروادي لكنه ظل هارباً، أما المشارك الآخر أحمد المقدم فحكم عليه غيابياً بالسجن 15 عاماً.
وقد كشفت لاحقاً الوثائق السرية لا سيما الأميركية منها أن قرار اغتيال مروة كان برعاية مباشرة من عبد الحميد السراج مدير المخابرات السابق في سورية وكان للسفير المصري في لبنان عبد الحميد غالب دور في العملية، ويروي أيضاً أن سامي شرف سكرتير عبد الناصر كان على علم بالاغتيال وربما عبد الناصر نفسه.
وينقل الكاتب سمير عطالله رواية مفادها أنه بعد عملية الاغتيال ببضعة أسابيع التقي في فندق هيلتون في القاهرة منح الصلح (كاتب ومفكر وسياسي) مع محسن ابراهيم (من مؤسسي حركة القوميين العرب ومقرب من الرئيس عبد الناصر).
وأخبر ابراهيم الصلح أن الرئيس عبد الناصر قد أرسل برقية تعزية في اليوم التالي على اغتيال مروه فرد الصلح بالقول: “أحمد ربك أن البرقية لم تصل قبل الاغتيال بيوم”.
وعندما روى محسن ابراهيم للرئيس عبد الناصر ما قاله الصلح انفجر ضاحكاً ثم توقف فجأة وقال بوجوم “كامل مروة لم يقتل لأنه صحافي كبير بل قتل لأنه أكبر من حزب معاد”. وفي حال صحة هذه الرواية فهذه إدانة ومسؤولية مباشرة لعبد الناصر في عملية الاغتيال.
ويؤكد كريم مروة نجل كامل مروة أن الرئيس المصري أنور السادات استقبل والدته سلمى البيسار في العام 1974 وقدم لها اعتذاراً شفوياً عن الجريمة.
اترك تعليقا