شهر تموز - تموز 1958 : المارينز في بيروت
الرئيس المصري جمال عبد الناصر يدعم الزعماء المعارضين لشمعون (صبري حماده، كمال جنبلاط، رشيد كرامي، كامل الأسعد، حميد فرنجية ،عبد الله أليافي، صائب سلام، معروف سعد). بينما يدعم حلف بغداد لاسيما إيران وتركيا الرئيس شمعون والزعماء اللبنانيين الموالين له(سامي الصلح، المير مجيد أرسلان، عادل عسيران ، بيار جميل، كاظم الخليل، سليم الداود،الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة أسد الأشقر).
الحدث الإقليمي
في ظل هذه الأجواء المتوترة إقليميا ولبنانياً جاءت الشرارة من العراق فجر يوم الاثنين في 14 تموز 1958 عندما قام عبد الكريم قاسم بانقلاب على النظام الملكي العراقي المؤيد لبريطانيا وقتل الوصي على العرش الأمير عبد الإله ورئيس الحكومة نوري السعيد ما دفع بكل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا إلى حشد جنودهما في المنطقة للحفاظ على الأنظمة الموالية لهما في ظل تهديدات عبد الناصر المدعوم من الاتحاد السوفياتي.
التدخل الاميركي
رأى الرئيس شمعون، وفق ما تسرب من معلومات، إن نجاح الانقلاب في العراق المدعوم من عبد الناصر وسورية سيشجع عبد الناصر إلى إرسال قواته إلى لبنان عبر سورية وقد توفرت لديه مؤشرات وحقائق حول ذلك لذا قرر الاستعانة بالمارينز الأميركي وبدأت الإشارات لهذا التدخل ترد بعدما سبق وأبلع السفير الأميركي في بيروت روبرت ماكلنتوك قائد الجيش حينها اللواء فؤاد شهاب. بأن على الجيش اللبناني التدخل لوقف أعمال المعارضة المسلحة ضد الرئيس شمعون ومواجهة تدفق السلاح من سورية إلى هؤلاء و ألا فأن الأسطول السادس الأميركي سوف يقوم بهذه المهمة.
صباح يوم 14 تموز استدعى كميل شمعون تباعاً سفير فرنسا لوي روشيه، ثم سفير بريطانيا جورج مدلتون، فسفير الولايات المتحدة روبرت ماكلنتوك، وطلب منهم تنفيذ وعودهم بالتدخل العسكري. الثانية بعد الظهر نقل إليه السفير الأميركي استجابة الطلب اللبناني وأعلمه أن الأسطول السادس في طريقه إلى لبنان.
الثانية بعد ظهر الثلاثاء 15 تموز، رست على مسافة قريبة من الشاطئ اللبناني تسع قطع حربية تابعة للأسطول السادس الأميركي، وخرج منها 16 زورقاً الى آليات ومصفحات ودبابات برمائية، محملة خمسة آلاف من جنود مشاة البحرية. بدا الإنزال الأميركي بمثابة طوق عسكري غربي يوقف تمدد الشيوعية والناصرية الى بلدان الجوار العربي بعد نجاح الانقلاب في العراق. كان جمال عبد الناصر يحكم حينذاك مصر وسوريا معاً في إطار الجمهورية العربية المتحدة منذ 22 شباط 1958. فإذا بنجاح الانقلاب يعكس انتصار الزعيم المصري والاتحاد السوفياتي اللذين جمعتهما علاقة تعاون. بررت واشنطن تدخلها العسكري بحماية مصالحها والمصالح الغربية في الشرق الأوسط والدفاع عن دول موالية للغرب- كان الأردن ولبنان منها- من خطر تهديد أنظمتها. في الساعات الأربع والعشرين التالية، كان قد وصل إلى لبنان 3600 من قناصة مشاة البحرية الأميركية، وانتقلوا إلى المطار لحمايته. ثم تسارعت وتيرة الوجود العسكري الأميركي. هبطت في المطار طائرات أقلت جنوداً وآليات ومصفحات وأعتدة، فارتفع العديد إلى سبعة آلاف جندي في بيروت وضواحيها. في 18 تموز أحاطت بمرفأ بيروت 75 سفينة حربية من الأسطول السادس. وفي 25 تموز كان قد بلغ عدد الجنود الأميركيين على الأراضي اللبنانية 10600 عسكري. أمطرت الطائرات الأميركية، في 22 تموز، الأراضي اللبنانية آلاف المناشير بالعربية حملت صورة دوايت ايزنهاور( الرئس الاميركي)، ورسالة منه تشرح أهداف الوجود العسكري الأميركي بناء على طلب الحكومة الدستورية اللبنانية، محافظاً على استقلال لبنان ومنع التدخل في شؤونه وتعريض أمنه للخطر، وأن الجيش الأميركي سينسحب فور استتباب الأمن وعودة الاستقرار والنظام إليه.
في المقابل حرصت القيادة العسكرية الأميركية على التأكيد لقائد الجيش إن مهمة الجنود الأميركيين في لبنان لا تتوخى ضرب المعارضة، بل مؤازرة الحكومة اللبنانية على إعادة النظام إلى البلاد توصلاً إلى حل سلمي للحرب الأهلية. و استمر هذا الوجود في لبنان حتى انتخاب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية وانحسار الأزمة.
اترك تعليقا