حنّا سعادة - التستوستيرون
وأفاد بحصول تجدّد مؤقّت في وظائفه الجنسية. أمّا فريد كوش، فعمد في العام 1927، من خلال استخدامه 40 باونداً من خصيتي البقرة إلى استخراج 20 من مادة أفلحت في ردّ هرمون الرجولة لدى ديوك وخنازير وجرذان كانوا قد تعرّضوا للإخصاء. هذه المادّة الهرمونية الخصيوية التي تمّ عزلها وتخليقها في العام 1935 أطلق عليها اسم “تستوستيرون”.
التستوستيرون، الذي يفرزه أيضاً المبيض والغدد الكظرية، يعزّز النمو الجنسي، يكبّر من العظام والكتلة العضلية، يمنع هشاشة العظام ويعتبر هرموناً أساسسياً للحفاظ على الصحة والعافية. ينتج الذكور هذا الهرمون أكثر من النساء بعشرين مرّة ومعدّلاته في الدم لديهم هي أعلى بسبع مرّات، إلاّ أنّ النساء أكثر حساسية لآثار هذا الهرمون فهو يزيد من نمو شعر العانة والإبط، ويوسّع البظر، ويعزّز الرغبة والوظيفة الجنسيتين، كما أنّه يرفع من مستوى الاسترخاء بعد النشوة الجنسية.
لدى الرجال، يعمل التستوستيرون كهرمونٍ صحي أيضاً، فيزيد من صحة القلب والأوعية الدموية ويخفّف من الدهون في الجسم ومن معدّل السكر والضغط في الدم، فيعزّز الحيوية والنشاط ويؤخّر التقدّم في العمر. تساعد معدّلات التستوستيرون المرتفعة إلى تعزيز الفرص الرومانسية لدى الرجال وتنخفض هذه المستويات حين يقع الرجل في الغرام وحين يصبح والداً. بالإضافة إلى ذلك، إن الرجال الذين يحافظون على معدّلات مرتفعة من التستوستيرون، يطوّرون ميلاً أكبر إلى ممارسة علاقات جنسية خارج الإطار الزوجي وإلى التدخين ومعاقرة الخمر وحتى التعرّض إلى المزيد من الإصابات.
علاج استبدال التستوستيرون هو من العلاجات الشائعة اليوم، ويتمّ وصفه للرجال والنساء على حدّ سواء. لدى النساء، يوصف هذا العلاج في الدرجة الأولى من أجل التحسين من الرغبة الجنسية، وقد يوصي به الحكماء بغية تعزيز العظام والكتلة العضلية أو معالجة الإرهاق وبعض أنواع الكآبة. أمّا الآثار السلبية التي يمكن أن تترتّب عن العلاج بالتستوستيرون لدى النساء فهي ظهور البثور، زيادة نمو شعر الوجه، تراجع في نمو شعر فروة الرأس، وارتفاع في سرطانات الثدي والسرطانات النسائية. لا زالت الأبحاث العلمية المرتبطة بالوقت الأنسب لوصف التستوستيرون للنساء والجرعة اللازمة منه في طور النشوء وتوفّر معلومات جديدة إزاء التحكّم بهذا الهرمون في المستقبل من شأنه تغيير الاتجاهات العلاجية السائدة اليوم والمرتكزة على معدّلات التستوستيرون والتجربة السريرية وطالب النساء بشكلٍ جذري.
عادةً ما تكون معدّلات التستوستيرون أكثر انخفاضاً لدى النساء اللواتي خسرن أحد المبيضين أو بلغن سنّ اليأس أو أولئك اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل، لكنّ كثيرات منهنّ يحافظن على شعورٍ طبيعي بالرغبة الجنسية. إنّ معالجة هؤلاء النساء بناءً على معدّلات هذا الهرمون في الدم فحسب ليس موثّقاً علمياً، والأمر سيّان لدى النساء اللواتي يعانين من القلق أو الكآبة، فمعالجتهن بناءً على معدّلات الدم أو اللعاب غير مثبت علمياً على الرغم من شيوعه.
في المقابل، يرتكز علاج الرجال بالدرجة الأولى على معدّلات التستوستيرون في الدم، لكنّ هذه المعدّلات لا يجب قياسها إلا في حالات استثائية، كتراجع الرغبة الجنسية، أو هشاشة العظام أو القلق غير المبرّر، أو تلف العضلات المرتبط بالتقدّم والمرافق لتزايد الدهون في منطقة البطن. إن الاستخدام العشوائي للتستوستيرون، وهو استخدامٌ شائعٌ أيضاً، قد يزيد من كثافة الدم ويفاقم توقف التنفس خلال النوم ، ويزيد من الصلع ويؤدي إلى ضمور الخصيتين ويقلّص عدد الحيوانات المنويّة، وقد يسبّب الفالج والذبحة القلبية.
ارتفعت وصفات التستوستيرون في أميركا نسبة 500% يين العامين 1993 و2000 وهذا الاتّجاه يستمرّ اليوم، مدعوماً بحملات إعلانية عديدة.
قام فينكلشتاين وآخرون بدراسة بالغة الأهمية تمّ نشرها في 12 أيلول عام 2013 في مجلّة نيو انجلند الطبيّة لتوضيح المغالطات الشائعة حول هذا الموضوع. ولدى مراقبتهم معدلّات التستوستيرون والاستروجين لدى الرجال، وجد الباحثون أنّ ضعف الوظيفة الخصيوية ناتج عن نقص في التستوستيرون والاستراديول (وهو الهرمون النسائي الأساسي) على حدّ سواء:
إن تزايد الدهون في منطقة البطن الذي يبدأ مع ظهور نقصٍ خفيفٍ في التستوستيرون هو ناتج أساساً عن انخفاض في معدّلات الاستروجين. ويؤدي تراكم الدهون الحشوية إلى زيادة المقاومة للأنسولين وزيادة نسبة الدهون في الدم وتشجيع البدانة ورفع احتمال السكتات الدماغية والتوبات القلبية.
تبدأ قوّة العظام والعضلات بالتلاشي حين يشتدّ نقص التستوستيرون الأمر الذي يؤدي إلى السقطات والكسور والاتكالية.
أمّا الرغبة الجنسية الضعيفة والعجز الجنسي، فهما نتيجة نقص في التستوستيرون والاستروجين على حدّ سواء.
لذلك، لم يعد التصوّر الذي يعزو نقص الرجولة إلى معدّلات التستوستيرون فحسب قائماً اليوم، فللاستروجين دور أساسي في تنظيم الدهون في الجسم والوظيفة الجنسية وعملية استقلاب العظام. تراجع الرجولة مردّه إلى نقص في التستوستيرون كما الاستروجين ومعالجته تكون من خلال هذين الهرمونين أيضاً. لحسن الحظ، إن العلاج بالتستوستيرون وحده قادر على تأمين ما يكفي من الاستروجين لأن الاستراديول مستقلب طبيعي للتستوستيرون.
يعاني 20% من الرجال فوق عمر 60 من نقص في التستوستيرون وترتفع هذه النسبة إلى 50% لدى من بلغ عمر 80. لذلك، يبدو قياس معدّلات كل من التستوستيرون والاستراديول أكثر فعالية في تقييم العجز الجنسي وتلف العظام أو العضلات، وتراكم الدهون وحتى الشيخوخة. إلا أن الرجال ينبغي معالجتهم بالتستوستيرون فحسب لأن الاستروجين قد يسبّب إخصاءً كيميائياً.
اترك تعليقا