الجنّة المنتظرة - سارة أبو ديّة
اعذروني، ولكن هذا ليس بوطنٍ... هذا ليس إلاّ غابة انعدم فيها النّظام والاحترام. ألا تظنّون أنّ من الواجب أن نتخلّص من ذاك الدّاء بأن نجد له دواء؟ علينا أن نتعاون في المحافظة على وطننا. علينا أن نتعاضد في سبيل ازدهار الوطن والوقوف احترامًا حين يُرفع العلم اللبنانيّ. علينا أن نتحمّل المسؤؤلية تجاه أعمالنا. علينا أن نفكّر مليًّا قبل أن نتصرّف، فلا يدري أحدنا متى ينال تصرّفه من سلامة الآخرين وسعادتهم. على كلّ منّا أن ينظر إلى نفسه كفرد من أفراد المجتمع، له ما للآخرين من حقوق، والأهمّ، عليه ما عليهم من واجبات.
فكندا، مثلاً, تخضع لهيكليّة نظام من القوانين، صاغتها الحكومات التي اختارها ممثّلو الشعب. القوانين في كندا تسري على جميع الناس، بما في ذلك الشرطة، والقضاة، والقادة السياسيون، وأولئك الذين يعملون لحساب الحكومة. الهدف من قوانين كندا هو الحفاظ على مجتمع سليم وهادئ، وتأكيد وجود وسيلة سلميّة لتسوية النزاعات، والتعبير عن قيم ومعتقدات المجتمع الكندي. في كندا، المُتّهم بريء حتى تُثبت إدانته.
في العودة إلى لبنان، سأترك لكم التّفكير في الالتزام بالقوانين واحترامها، ولكن سأساعدكم في ذلك. لستم وحدكم المذنبين، فمتى كانت آخر مرّة رأيتم فيها مواطن لم يُفلت من العقاب بطريقة أو بأخرى، إن عن طريق الواسطة، أو الرّشوة، أو الانتماء الحزبيّ، أو...؟
نعم أيها اللبنانيّون، نظامنا يعمّه الفساد. بالإضاقة إلى ذلك، أمسى التطوّر الحاصل في عالَم الاتِّصالات يستحوذ على عقولنا ويُشتّت انتباهنا، فترى الشّرطيّ مشغولاً بهاتفه الجوّال بدل التّركيز على حركة السّير. يا لهذا الإدمان! أودّ أيضًا أن أعلمكم بأنّ في أوروبا، وفي سويسرا مثلاً، يحقّ للأطفال مهاتفة الشّرطة إن طالهم أذيّةً من ذويهم، فيُسجن المُتعدّي، ويصان الطّفل تحت رعاية إحدى المؤسّسات الاجتماعيّة. أمّا في وطننا العزيز لبنان، فتنقلب الدّنيا رأسًا على عقب في بيت ما، ولا أحد يتدخّل بذريعة وجود «حُرمة للمنزل»؛ أو يرمي أحدهم أطفاله في سوق العمل، أو على أرصفة الشّوارع وطرقاتها للتّسوّل، ولا من رقيب أو حسيب! وا أسفاه!
متى يأتي اليوم الّذي يجد فيه النِّظام والقانون طريقه إلى قلوبنا وعقولنا؟ أم سيبقى بيت الشِّعر الآتي لسان حالنا:
ربَّ يَوْمٍ بَكَيْتُ مِنْـهُ ولَمّا صِرْتُ في غَيْرِهِ بَكَيْتُ عَلَيْهِ ؟
(الصَّفّ الحادي عشر اقتصاد - المدرسة الأهليَّة)
اترك تعليقا