فؤاد شهاب -أمير فقير أصبح رئيساً للجمهورية
 
شاهد الجدول كاملا
فؤاد شهاب
 

النشأة والولادة

ولد الأمير فؤاد عبد الله شهاب (من سلالة الأمراء الشهابيين) في 19 آذار 1902 في غزيز (كسروان) أبوه الأمير عبد الله شهاب وأمه الشيخة بديعة حبيش، وكان والده فقيراً قليل المال فقرر في العام 1907 الهجرة سعياً وراء الرزق لإعالة عائلته. وتضاربت الأخبار حول وجهته بين مصر وتركيا وأميركا. وبعد مرور نحو عامين انقطعت أخبار الوالد عن عائلته (زوجة وثلاثة أولاد، فؤاد، فريد وشكيب) ولم يعرف مصيره هل غرق في البحر أثناء محاولته الهجرة إلى دولة أخرى بعدما كان آخر مقر له شوهد فيه هو مرسيليا، أم قتل أم توفي؟ وهكذا نشأ شهاب يتيم الأب.

بعد انقطاع أخبار الوالد زادت حالة العائلة فقراً، فقررت الوالدة العودة إلى منزل والدها الشيخ طالب حبيش في جونية حيث كان يسكن المنزل ذاته شقيقاها وديع وبديع وشقيقتاها ايزبيل ونبيهة.

وفي العام 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى وأغلقت المدارس أبوابها فتوجه فؤاد شهاب مع شقيقيه إلى مدرسة صغيرة قرب مرفأ جونية كان مديرها وأستاذها الوحيد الخوري لويس الخازن.

فقر العائلة دفع شهاب إلى ترك الدراسة والعمل مباشراً (ينادي على المتقاضين والشهود للحضور أمام القاضي) في محكمة جونية لمدة سنتين وذلك بدعم من خاله وديع حبيش.

الجيش

تطوع فؤاد شهاب في وحدة الخيالة السورية في الشرق التابعة للجيش الفرنسي في أيلول 1919، وبعد سنة ترك الجيش لكنه بقي دون عمل، فبلغه أن الجيش الفرنسي يرغب بتطويع تلامذة ضباط في المدرسة الحربية في دمشق فدخلها ليتخرج منها ضابطاً في 20 أيلول 1923، ويتدرج في سلم الترقية والمناصب حيث أصبح نقيباً في كانون الأول 1929.

وفي بداية العام 1944 رقاه الجنرال جورج كاترو قائد قوات فرنسا الحرة إلى رتبة عقيد. وبعد نيل لبنان استقلاله في العام 1943 بدأت المفاوضات مع السلطات الفرنسية لنقل قوات الشرق الخاصة (كانت تضم لبنانيين يعملون في الجيش الفرنسي) من سلطة الانتداب إلى سلطة الحكومة اللبنانية وكان ذلك في الأول من آب 1945.

وفي 26 تموز 1946 عينت الحكومة اللبنانية الزعيم (رتبة عسكرية حينها) فؤاد شهاب قائداً للجيش اللبناني، واستمر في موقعه مدة 12 سنة حتى العام 1958، عندما انتخب رئيساً للجمهورية. فكان بذلك أول قائد للجيش، وأول قائد للجيش يصبح رئيساً للجمهورية اللبنانية. عمل خلال السنوات 12 التي أمضاها في سدة القيادة على تطوير الجيش وإعادة تسليحه وتنظيمه لتمكينه من حماية النظام والدولة. فاعتبر باني الجيش اللبناني.

رئاسة الجمهورية

إبان تولي شهاب قيادة الجيش اللبناني كان محط الأنظار الدائم بالرغم من ابتعاده عن الأضواء، ففي الأزمة التي اندلعت في العام 1952 واندلاع الثورة ضد الرئيس الشيخ بشارة الخوري ، الذي جدد ولايته، رفض زج الجيش في الصراع الدائر وكلف اللواء شهاب برئاسة حكومة انتقالية ثلاثية لحين انتخاب رئيس جديد، الذي أصبح كميل شمعون.

وفي الأزمة التي اندلعت في العام 1958 ضد الرئيس كميل شمعون وما رافقها في أزمات في المنطقة لاسيما العراق ومصر والدخول الأميركي إلى لبنان وقع الاختيار والتوافق المصري الأميركي عليه ليكون رئيساً للجمهورية اللبنانية ويضع حداً لحالة التدهور التي بدأ يعيشها لبنان.

ففي جلسة عقدها مجلس النواب في 31 تموز 1958 انتخب شهاب رئيساً للجمهورية، لكن الرئيس كميل شمعون تمسك بموقعه حتى انتهاء ولايته الدستورية في 23 أيلول حيث تمت عملية التسلم والتسليم .

وقد استمر شهاب رئيساً حتى العام 1964 رافضاً المحاولات التي جرت لتجديد ولايته بالرغم من تأييد أكثرية النواب لهذا الخيار .

زواجه

في العام 1924 تعرف فؤاد شهاب، وكان برتبة ملازم، الى الفرنسية روز رينه بواتيو (مواليد العام 1904) ابنة ضابط فرنسي قتل في الحرب العالمية الأولى، فتزوجت والدتها من نسيب زوجها الكولونيل اوبار نواريه الذي اهتم بروز رينه وشقيقتها وأصبح بمثابة والدهما وانتقلتا معه إلى حيث عمله في الجيش الفرنسي في سورية ولبنان، وهذا ما أتاح التعارف بينها وبين شهاب الذي توج بالزواج في 27 كانون الأول 1926 في كنيسة الآباء الكرمليين في بلدة القبيات العكارية حيث مقر عمله ومكان سكن عائلة زوجته، ولكن هذا الزواج لم يثمر أولاداً.

صفاته

اتصف شهاب بحبّه للانزواء والابتعاد عن الضوضاء، وكان يفضّل الطبيعة والهدوء، ولعل صفته الابرز النزاهة وعدم حب المال فهو أمضى 12 عاماً قائداً للجيش و6 سنوات رئيساً للجمهورية وظل حتى وفاته محوراً أساسياً في السياسة لكنه مات فقيراً كما ولد. لم يترك ثروة مالية او عقارية على غرار معظم سياسيينا، فعندما توفيت زوجته في العام 1992 كانت ثروتها تتألف من بيت صغير بحاجة إلى إصلاحات وترميم، وسيارة قديمة وحساب مصرفي يبلغ مليون ونصف مليون ليرة (أي أقل من ألف دولار أميركي حينها).

النهاية

بعد مغادرته سدة الرئاسة اختار الابتعاد عن الحياة السياسية والحياة العامة قدر المستطاع، لكنه استمر محوراً في الحياة السياسية يزوره الضباط والسياسيون المقربون، وتوفي بعد ظهر يوم الأربعاء في 25 نيسان 1973 نتيجة أزمة قلبية حادة، أما زوجته فقد توفيت في 18 شباط 1992 أي بعد نحو 19 عاماً على وفاة شهاب نتيجة الوهن والعجز.هكذا طويت صفحة شهاب الشخصية، لكنّ اللبنانييين لا زالوا يذكرون المؤسسات التي أنشئت خلال العهد الشهابي وإن كان البعض ينتقده للصلاحيات الواسعة التي منحها لضباط المكتب الثاني والتي كانت إحدى العيوب التي حفل بها عهده. 

اترك تعليقا